فراء الحجاز ، فإن دباغها بالقَرَظ (١) ، فكان يبعث إلى العراق فيؤتى من قبلكم بالفراء فيلبسه ، فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي يليه ، وكان يسأل عن ذلك ، فيقول : إن أهل العراق يستحلّون لباس الجلود الميتة ، ويزعمون أن دباغه ذكاته » (٢) . كما في أحدهما .
وفي الثاني : إني أدخل سوق المسلمين فأشتري منهم الفراء للتجارة ، فأقول لصاحبها : أليست ذكية ؟ فيقول : بلى ، فهل يصلح لي أن أبيعها على أنها ذكية ؟ فقال : « لا ، ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول : قد شرط الذي اشتريتها منه أنّها ذكية » قلت : وما أفسد ذلك ؟ قال : « استحلال أهل العراق للميتة ، وزعمهم أن دباغ جلد الميتة ذكاته » (٣) الحديث .
فلا يعارضان ما قدّمنا ؛ لضعف سندهما ، بل ودلالتهما أيضاً ، فإنّ غاية ما يستفاد من الأوّل أنه عليه السلام كان ينزع منه فرو العراق حال الصلاة ، ومن الجائز أن يكون ذلك على جهة الأفضلية . وفي لبسها في غير حال الصلاة إشعار بعدم كونه ميتة .
ومن الثاني المنع عن بيع ما اُخبر بذكاته على أنه مذكّى ، وهو غير دالّ على تحريم استعماله . بل نفي البأس عن بيعه أخيراً يشعر بل يدل على عدم كونه ميتة ، لعدم جواز بيعها إجماعاً .
( وكذا ) لا تجوز الصلاة في جلد ( ما لا يؤكل لحمه ) شرعاً مطلقاً ( ولو ذكّي ودبغ ، ولا في صوفه وشعره ووبره ) بإجماعنا الظاهر ، المصرّح به في كثير
___________________
(١) القَرَظ بالتحريك : ورق السَلَم يدبغ به الأديم ـ مجمع البحرين ٤ : ٢٨٩ .
(٢) الكافي ٣ : ٣٩٧ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٠٣ / ٧٩٦ ، الوسائل ٤ : ٤٦٢ أبواب لباس المصلي ب ٦١ ح ٢ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٩٨ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ / ٧٩٨ ، الوسائل ٣ : ٥٠٣ أبواب النجاسات ب ٦١ ح ٤ .