الواقع الذي ليس فيه ميل أصلاً ولا انحراف : أن يكون إلى الركن الذي يليهم ، وإن اكتفى منهم بالتوجه إلى الجهة ، لأن البُعد يمنع عن العلم بذلك . انتهى (١) .
وهو حسن ، إلّا أنّ قوله في التوجيه الأخير : حق توجّههم الصحيح . . . . غير مفهوم للعبد ؛ لأنّ التوجّه الصحيح بالنسبة إلى القريب إنّما هو إلى نفس الكعبة وأيّ قطر منها يحاذي المصلّي ولو كان ركناً مخالفاً لركنه ، كما إذا توجّه إلى الركن اليمني وهو عراقي مثلاً ، فإنه صحيح ، وبالنسبة إلى البعيد جهتها ، وهي أوسع من الركن ، كما مضى ، فحصره التوجّه الصحيح فيما ذكره غير مستقيم على التقديرين ، ولا أعرف وجهه ، وهو أعرف بما حرّره .
وكيف كان فقد ذكر الأصحاب لأهل الأركان علامات :
فلأهل الشام جعل الجدي (٢) خلف الكتف اليسرى ، وسُهَيْل عند طلوعه بين العينين ، وعند غروبه على العين اليمنى ، وبنات النعش عند غيبوبتها خلف الْاُذن اليمنى .
ولأهل اليمن جعل الجدي بين العينين ، وسُهَيْل عند غيبوبته بين الكتفين .
ولأهل المغرب جعل الجدي على الخدّ الأيسر ، والثُريّا والعَيُّوق على اليمين واليسار .
ولأهل السند والهند جعل الجدي إلى الْاُذُن اليمنى ، وسُهَيْل عند طلوعه خلف الْاُذن اليسرى ، وبنات النعش عند طلوعها على الخدّ الأيمن ، والثُريّا عند غيبوبتها على العين اليسرى .
___________________
(١) راجع جامع المقاصد ٢ : ٥٣ .
(٢) قال في المغرب ١ : ٧٧ : الجَدْي : العاشرة من البروج ، ويقال لكوكب القبلة جَدْي الفرقد . . . والمنجمون يسمّونه الجُدَي على لفظ التصغير فرقاً بينه وبين البرج .