عقولهم لمّا سمعوا ذلك. ثمّ اضطرب ذلك الجبل اضطرابا شديدا ، كالمرأة إذا أخذها المخاض. ثمّ لم يفجأهم إلّا رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصّدع ، فما استتمّت رقبتها حتّى اجترّت. ثمّ خرج سائر جسدها. ثمّ استوت قائمة على الأرض.
فلمّا رأوا ذلك ، قالوا : يا صالح ، ما أسرع ما أجابك ربّك! ادع لنا [ربّك] (١) يخرج لنا فصيلها.
فسأل الله ـ تعالى ـ ذلك ، فرمت به ، فدبّ حولها.
فقال لهم : يا قوم ، أبقي شيء؟
قالوا : لا ، انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم بما رأينا ويؤمنون بك.
قال : فرجعوا. فلم يبلغ السّبعون إليهم حتّى ارتدّ منهم أربعة وستّون رجلا ، وقالوا : سحر وكذب.
قال : فانتهوا إلى الجميع ، فقال السّتّة : حقّ. وقال الجميع : سحر وكذب.
قال : فانصرفوا على ذلك. ثمّ ارتاب من السّتّة واحد ، فكان فيمن عقرها.
قال ابن محبوب : فحدّثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا يقال له : سعيد بن يزيد.
فأخبرني ، أنّه رأى الجبل الّذي منه خرجت بالشّام. قال : فرأيت جنبها قد حكّ الجبل ، فأثّر جنبها فيه. وجبل آخر بينه وبين هذا ميل.
وعن الصّادق (٢) ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ). هذا فيما كذّبوا صالحا (٣). وما أهلك الله ـ تعالى ـ قطّ قوما ، حتّى يبعث إليهم قبل ذلك الرّسل فيحتجّوا عليهم. فبعث الله إليهم صالحا. فدعاهم إلى الله ، فلم يجيبوا وعتوا عليه وقالوا : لن نؤمن لك حتّى تخرج لنا من هذه الصّخرة ناقة عشراء. وكانت الصّخرة يعظّمونها ويعبدونها ، ويذبحون عندها في رأس كلّ سنة ويجتمعون عندها.
فقالوا له : إن كنت كما تزعم نبيّا رسولا ، فادع لنا إلهك حتّى يخرج لنا من هذه الصّخرة الصّمّاء ناقة عشراء.
فأخرجها الله ، كما طلبوا منه.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) الكافي ٨ / ١٨٧ ـ ١٨٩ ، ح ٢١٤.
(٣) المصدر : قال : هذا كان بما كذّبوا به صالحا.