الملائكة أن تمرّ عليه موكبا موكبا ، بالبرق والرّعد والرّيح والصّواعق. فكلّما مرّ به موكب من المواكب ، ارتعدت فرائصه. فيرفع رأسه ، فيسأل : أفيكم ربّي؟
فيجاب : هو آت ، وقد سألت عظيما ، يا ابن عمران.
عن أبي بصير (١) ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ قال : لمّا سأل موسى ربّه ـ تبارك وتعالى ـ : (قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ، قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي).
فلمّا صعد موسى على (٢) الجبل ، فتحت أبواب السّماء ، وأقبلت الملائكة أفواجا في أيديهم العمد ، وفي رأسها النّور ، يمرّون به فوجا بعد فوج. يقولون : يا ابن عمران ، أثبت فقد سألت أمرا عظيما.
قال : فلم يزل موسى واقفا حتّى تجلّى ربّنا ـ جلّ جلاله ـ. فجعل الجبل (دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً). فلمّا أن ردّ الله إليه روحه و (أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ).
وفي رواية (٣) : أنّ النّار أحاطت بموسى ، لئلّا يهرب لهول ما رأى.
وقال : لمّا (خَرَّ مُوسى صَعِقاً) مات. فلمّا أن ردّ الله إليه روحه ، أفاق فقال : (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ).
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : في قوله : (وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ).
قال : فرفع الله الحجاب ونظر إلى الجبل ، فساخ الجبل في البحر. فهو يهوي حتّى السّاعة. ونزلت الملائكة ، وفتحت أبواب السّماء.
فأوحى الله إلى الملائكة : أدركوا موسى لا يهرب.
فنزلت الملائكة وأحاطت بموسى ، وقالت تب (٥) ، يا ابن عمران ، فقد سألت الله عظيما.
فلمّا نظر موسى إلى الجبل قد ساخ والملائكة قد نزلت ، وقع على وجهه. فمات من خشية الله ، وهول ما رأى. فردّ الله ـ عزّ وجلّ ـ عليه روحه. فرفع رأسه وأفاق و
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ٢٦ ـ ٢٧ ، ح ٧٢.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : إلى.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢٧ ، ح ٧٦.
(٤) تفسير القمي ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أتيت.