في كتاب علل الشّرائع (١) ، بإسناده إلى ابن مسعود قال : احتجّوا في مسجد الكوفة ، فقالوا : ما لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ لم ينازع الثّلاثة ، كما نازع طلحة والزّبير وعائشة ومعاوية.
فبلغ ذلك عليّا ـ عليه السّلام ـ. فنادى : الصّلاة الصّلاة جامعة. فلمّا اجتمعوا ، صعد المنبر. فحمد الله وأثنى عليه. فقال : معاشر النّاس ، إنّه بلغني عنكم كذا وكذا.
قالوا : صدق أمير المؤمنين ، قد قلنا ذلك.
قال : إنّ لي بسنّة الأنبياء أسوة فيما فعلت. قال الله ـ تعالى ـ في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (٢).
قالوا : ومن هم ، يا أمير المؤمنين؟
قال : أوّلهم إبراهيم ـ عليه السّلام ـ إلى أن قال : ولي بأخي هارون ـ عليه السّلام ـ إسوة ، إذ قال لأخيه : يا (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي). فإن قلتم لم يستضعفوه ولم يشرفوا على قتله ، فقد كفرتم. وإن قلتم : استضعفوه وأشرفوا على قتله فلذلك سكت عنهم ، فالوصيّ أعذر.
وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٣) ، بإسناده إلى سلمان الفارسيّ : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل. يقول فيه لعليّ ـ عليه السّلام ـ : يا أخي ، إنّك ستبقى بعدي. وستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك ، وظلمهم لك. فإن وجدت عليهم أعوانا ، فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك. وإن لم تجد أعوانا ، فاصبر وكفّ يدك ولا تلق بها إلى التّهلكة. فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى. ولك بهارون إسوة حسنة ، إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه. فاصبر لظلم قريش إيّاك وتظاهرهم عليك. فإنّك بمنزلة هارون من موسى (٤) ومن تبعه ، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه.
وفي كتاب الاحتجاج (٥) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : وفي رواية سليم بن قيس الهلاليّ : عن سلمان الفارسيّ حديث طويل. وفيه قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ لأبي بكر
__________________
(١) علل الشرائع / ١٤٨ ـ ١٤٩ ، ح ٧.
(٢) الأحزاب / ٢١.
(٣) كمال الدّين / ٢٦٤ ، ح ١٠.
(٤) ليس في المصدر : «من موسى».
(٥) الاحتجاج ١ / ١١٠.