أمّهات. ومتى كانوا بني أمّ ، قلّت العداوة بينهم ، إلّا أن ينزغ الشّيطان بينهم فيطيعوه.
فقال هارون لأخيه موسى : يا أخي الّذي ولدته أمّي ولم تلدني غير أمّه ، لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي. ولم يقل : يا ابن أبي. لأنّ بني الأب إذا كانت [من أمّهات] (١) شتّى ، لم تستبعد (٢) العداوة بينهم إلّا من عصمه الله منهم. وإنّما تستبعد (٣) العداوة بين بني أمّ واحدة.
قال : قلت له : فلم أخذ برأسه يجرّه إليه وبلحيته ، ولم يكن (٤) في اتّخاذهم العجل وعبادته له ذنب؟ فقال : إنّما فعل ذلك ، لأنّه لم يفارقهم لمّا فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى. وكان إذا فارقهم ، نزل بهم العذاب. ألا ترى أنّه قال لهارون : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي). قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرّقوا و (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).
وفي روضة الكافي (٥) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في خطبة الوسيلة : أنّه كان أخاه لأبيه وأمّه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) ، مثله عن الباقر وعن الصّادق ـ عليهما السّلام ـ.
وعن الباقر (٧) ـ عليه السّلام ـ : أنّ الوحي ينزل على موسى ، وموسى يوحيه إلى هارون. وكان موسى الّذي يناجي ربّه ، ويكتب العلم ، ويقضي بين بني إسرائيل.
قال : ولم يكن لموسى ولد ، وكان الولد لهارون.
وقرأ (٨) ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر ، عن عاصم ، هنا وفي طه : «قال ابن أمّ» بالكسر. وأصله : يا ابن أمّي. فحذفت الياء اكتفاء بالكسرة تخفيفا ، كالمنادى المضاف إلى الياء. والباقون ، بالفتح ، زيادة في التّخفيف لطوله. أو تشبيها بخمسة عشر.
(إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) : إزالة لتوهّم التّقصير في حقّه.
والمعنى : بذلت وسعي في كفّهم ، حتّى قهروني واستضعفوني ، وقاربوا قتلي.
__________________
(١) المصدر : أمهاتهم.
(١ و ٣) ـ المصدر : تستبدع.
(٤) المصدر : لم يكن له.
(٥) الكافي ٨ / ٢٧ ببعض التصرّف.
(٦) عنه تفسير الصافي ٢ / ٢٤٠.
(٧) تفسير القمّي ٢ / ١٣٧ ببعض التصرّف في آخره.
(٨) أنوار التنزيل ١ / ٣٧٠.