ترّحمت عليهم مرّة أخرى ، لم يبعد من عميم إحسانك.
(أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) : من العناد والتّجاسر على طلب الرّؤية.
وكأنّ ذلك قاله بعضهم.
وقيل (١) : المراد (بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ) : عبادة العجل.
في كتاب التّوحيد (٢) : عن الرّضا (٣) ـ عليه السّلام ـ : أنّ السّبعين لمّا صاروا معه إلى الجبل ، قالوا له : إنّك قد رأيت الله ـ سبحانه ـ. فأرناه ، كما رأيته.
فقال : إنّي لم أره.
فقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ). واحترقوا عن آخرهم وبقي موسى وحيدا.
فقال : يا ربّ ، اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل فجئت بهم وأرجع وحدي.
فكيف يصدّقني قومي بما أخبرتهم (٤)؟ فلو (شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ ، أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا). فأحياهم الله بعد موتهم.
وفي عيون الأخبار (٥) ، ما يقرب منه ، كما مرّ.
وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٦) ، بإسناده إلى سعد بن عبد الله القمّي : عن الحجّة القائم ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه : قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم.
قال : مصلح ، أم مفسد؟
قلت : مصلح.
قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟
قلت : بلى.
قال : فهي العلّة. وأوردها لك ببرهان ينقاد له (٧) عقلك.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٧١.
(٢) التوحيد / ٤٢٤.
(٣) أ ، ب ، ر : الصادق.
(٤) المصدر : أخبرهم به.
(٥) العيون ١ / ١٦٠ ـ ١٦١.
(٦) كمال الدين / ٤٦١ ـ ٤٦٢.
(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ذلك.