ولو علموا أنّه الحرب ، لما تخلّفوا. ولكن نعدّ لك الرّواحل ، ونلقى عدوّنا. فإنّا صبر (١) عند اللّقاء ، أنجاد في الحرب. وإنّا لنرجو أن يقرّ الله عينيك بنا. فإنّ يك ما تحبّ ، فهو ذاك.
وإن يكن غير ذلك ، قعدت على رواحلك فلحقت بقومنا.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أو يحدث الله غير ذلك؟ كأنّي بمصرع فلان ها هنا ، وبمصرع فلان ها هنا ، وبمصرع أبي جهل ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، ومنبّه ونبيه ، ابني الحجّاج. فإنّ الله قد وعدني إحدى الطّائفتين ، ولن يخلف الله الميعاد.
فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بهذه الآية (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ) ـ إلى قوله ـ : (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ). فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالرّحيل حتّى نزل عشاء على ماء بدر ، وهي العدوة الشّامية.
وأقبلت قريش ، ونزلت بالعدوة اليمانيّة. وبعثت عبيدها تستعذب من الماء ، فأخذهم أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وحبسوهم.
فقالوا لهم : من أنتم؟
قالوا : نحن عبيد قريش.
قالوا : فأين العير؟
قالوا : لا علم لنا بالعير.
فأقبلوا يضربونهم. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يصلي.
فانفتل من صلاته فقال : إن صدقوكم ، ضربتموهم. وإن كذبوكم ، تركتموهم. عليّ بهم.
فأتوا بهم.
فقال لهم : من أنتم؟
قالوا : يا محمّد ، نحن عبيد قريش.
قال : كم القوم؟
قالوا له : لا علم لنا بعددهم.
قال : كم ينحرون في كلّ يوم جزورا.
قالوا : تسعة إلى (٢) عشرة.
__________________
(١) المصدر : نصبر.
(٢) المصدر : أو.