أتيا به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فنظر إليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فاستعبر.
فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمّي ، ألست شهيدا؟
قال : بلى ، أنت أوّل شهيد من أهل بيتي.
فقال : أمّا لو كان عمك حيّا ، لعلم أني أولى بما قال منه.
قال : وأيّ أعمامي تعني؟
قال : أبو طالب ، حيث يقول :
كذبتم وبيت الله نبرى محمدا |
|
ولما نطاعن دونه ونناضل |
ونسلمه حتى نصرّع حوله |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائل |
فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله : أما ترى ابنه : كاللّيث العادي بين يدي الله ورسوله ، وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة؟
فقال : يا رسول الله ، أسخطت عليّ في هذه الحالة؟
فقال : ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك.
وقال أبو جهل لقريش : لا تعجلوا ولا تبطروا ، كما عجل وبطر أبناء ربيعة.
عليكم بأهل يثرب ، فاجزروهم جزرا. وعليكم بقريش ، فخذوهم أخذا حتّى ندخلهم مكّة فنعرّفهم ضلالتهم التي كانوا عليها.
وكان فئة (١) من قريش أسلموا بمكّة فأجلسهم (٢) آباؤهم. فخرجوا مع قريش إلى بدر وهم على الشّكّ والارتياب والنّفاق ، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكهة ، والحارث بن ربيعة ، وعليّ بن أمية بن خلف ، والعاص بن المنبّه. فلمّا نظروا إلى قلة أصحاب محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ قالوا : مساكين هؤلاء ، نحرهم (٣) دينهم فيقتلون الساعة. فأنزل الله على رسوله (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٤).
وجاء إبليس ـ عليه اللّعنة ـ إلى قريش في صورة سراقة بن مالك ، فقال لهم : «إني جار لكم» (٥) ادفعوا إليّ رايتكم. فدفعوها إليه. وجاء بشياطينه يهول بهم على
__________________
(١) المصدر : فتية.
(٢) المصدر : فاحتبسهم.
(٣) المصدر : غرّهم.
(٤) الأنفال / ٤٩.
(٥) المصدر : أنا جاركم.