ثم نظر إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فقال له : قم ، يا عليّ ـ وكان أصغر القوم (١) ـ فاطلبوا بحقّكم الّذي جعله الله لكم. فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها ، تريد أن تطفى نور الله ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره.
ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا عبيدة ، عليك بعتبة. وقال لحمزة : عليك بشيبة. وقال لعليّ : عليك بالوليد بن عتبة.
فمرّوا حتى انتهوا إلى القوم.
فقال عتبة : من أنتم؟ انتسبوا لنعرفكم.
فقال [عبيدة] (٢) : أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب.
فقال : كفو كريم. فمن هذان؟
فقال : حمزة بن عبد المطّلب ، وعليّ بن أبي طالب.
فقال : كفوان كريمان. لعن الله من أوقفنا وإيّاكم هذا الموقف.
فقال شيبة لحمزة : من أنت؟
فقال : أنا حمزة بن عبد المطّلب ، أسد الله وأسد رسوله.
فقال له شيبة : لقد لقيت أسد الحلفاء. فانظر كيف تكون صولتك ، يا أسد الله.
فحمل عبيدة على عتبة ، فضربه على رأسه ضربة فلق هامته.
وضرب عتبة عبيدة على ساقه ، فقطعها وسقطا جميعا. وحمل حمزة على شيبة ، فتضاربا بالسّيفين حتى انثلما. وكلّ واحد منهما يتّقي بدرقته. وحمل أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ على الوليد بن عتبة ، فضربه على حبل عاتقه ، فأخرج السّيف من إبطه. فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : فأخذ يمينه المقطوعة بيساره ، فضرب بها هامتي ، فظننت أنّ السّماء وقعت على الأرض.
ثمّ اعتنق حمزة وشيبة ، فقال المسلمون : يا عليّ ، أما ترى الكلب قد بهر (٣) عمّك.
فحمل إليه عليّ ـ عليه السّلام ـ. ثمّ قال : يا عمّ ، طأطئ رأسك. وكان حمزة أطول من شيبة. فأدخل حمزة رأسه في صدره ، فضربه أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ على رأسه فطير (٤) نصفه. ثمّ جاء إلى عتبة وبه رمق ، فأجهز عليه. وحمل عبيدة بين حمزة وعليّ حتّى
__________________
(١) المصدر : وكان أصغرهم فقال ...
(٢) من المصدر.
(٣) بهر : غلب. وفي المصدر : أبهر.
(٤) إلى هنا ليس في نسخة «أ».