سمّ المتوكّل ، نذر إن عوفي بأن يتصدّق بمال كثير. فلمّا عوفي ، سأل الفقهاء عن حدّ المال الكثير. فاختلفوا عليه. فقال بعضهم : مائة ألف. وقال بعضهم : عشرة آلاف. فقالوا فيه أقاويل مختلفة. فاشتبه عليه الأمر.
فقال رجل من ندمائه يقال له : صنعان (١) : ألا تبعث إلى هذا الأسود فتسأل منه؟
فقال له المتوكّل : من تعني ، ويحك؟
فقال له ابن الرّضا ـ عليه السّلام ـ.
فقال له : وهو يحسن من هذا شيئا؟
فقال له : إن أخرجك من هذا ، فلي عليك كذا وكذا. وإلّا فاضربني مائة مقرعة (٢).
فقال المتوكّل : قد رضيت. يا جعفر بن محمود ، صر إليه وأسأل (٣) عن حدّ المال الكثير.
فصار جعفر بن محمود إلى أبي الحسن ، عليّ بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ فسأله عن حدّ المال الكثير.
فقال له : الكثير ثمانون.
فقال له جعفر : يا سيّدي ، إنّه يسألني عن العلّة فيه.
فقال له أبو الحسن ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ). فعدّدنا المواطن ، فكانت ثمانين.
(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) : وموطن يوم حنين.
ويجوز أن يقدر : في أيّام مواطن. أو يفسر الموطن بالوقت ، كمقتل الحسين ـ عليه السّلام ـ.
ولا يمنع إبدال قوله : (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) منه أن يعطف على موضع في «مواطن». فإنّه لا يقتضي تشاركهما فيما أضيف إليه المعطوف ، حتّى يقتضي كثرتهم وإعجابها إيّاهم في جميع المواطن.
و «حنين» واد بين مكّة والطّائف ، حارب فيه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ
__________________
(١) المصدر : صفعان.
(٢) المقرعة : السوط.
(٣) المصدر : سله.