شيخا كبيرا قد ذهب بصره من الكبر.
فلمس الأرض بيده ، فقال : في أيّ واد أنتم؟
قالوا : بوادي أوطاس.
قال : نعم مجال خيل ، لا حزن (١) ضرس ولا سهل دهس (٢). وقال : ما لي أسمع رغاء البعير ونهيق الحمير (٣) وخوار البقر وثغاء (٤) الشّاة وبكاء الصّبيّ؟
فقالوا له : إنّ مالك بن عوف ساق مع النّاس أموالهم ونساءهم وذراريّهم ، ليقاتل كلّ امرئ عن نفسه وماله وأهله.
فقال دريد : راعي ضأن ، وربّ الكعبة. ما له وللحرب.
ثمّ قال : ادعوا (٥) لي مالكا.
فلمّا جاء ، قال : يا مالك ، ما فعلت!؟
قال : سقت مع النّاس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ، ليجعل كلّ رجل أهله وماله وراء ظهره فيكون أشدّ لحربه.
فقال : يا مالك ، إنك أصبحت رئيس قومك وإنّك تقاتل رجلا كريما. وهذا اليوم لما بعده ، ولم تضع في تقدّمة (٦) بيضة هوازن (٧) إلى نحور الخيل شيئا. ويحك ، وهل يلوي المنهزم على شيء؟ اردد بيضة هوازن إلى علياء بلادهم وممتنع محالّهم ، وأبق (٨) الرّجال على متون الخيل. فإنّه لا ينفعك إلّا رجل بسيفه ودرعه وفرسه. فإن (٩) كانت لك ، لحق (١٠) من ورائك. وإن كانت عليك ، لا تكون (١١) قد فضحت في أهلك وعيالك.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : إلا حزف.
والحزن : المرتفع من الأرض. والضرس : الّذي فيه حجارة محدّدة.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : الدهش.
والدهس : اللّبن الكثير التراب.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : الحمار.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : ثناء.
(٥) المصدر : ادعوهم.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : مقدمه.
(٧) أي جماعتهم.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : والوا.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : إذا.
(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ : الحق.
(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا تكن.