أذهب إلى أبي وأبيكم. فقولوا : إنّ جميع الّذين خاطبهم عيسى كانوا أبناء الله ، كما كان عيسى ابنه ، من الوجه الّذي كان عيسى ابنه. ثمّ إنّ ما (١) في هذا الكتاب يبطل (٢) عليكم هذا الّذي زعمتم أنّ عيسى من جهة الاختصاص كان ابنا له. لأنّكم قلتم : إنّما قلنا : إنّه ابنه ، لأنّه اختصّه بما لم يختصّ به غيره. وأنتم تعلمون أنّ الّذي خصّ به عيسى لم يخصّ به هؤلاء القوم الّذين قال لهم عيسى : أذهب إلى أبي وأبيكم. فبطل أن يكون الاختصاص بعيسى ، لأنّه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى. وأنتم إنّما حكيتم لفظة عيسى وتأوّلتموها على غير وجهها (٣) ، لأنّه إذا قال : [أذهب إلى] (٤) أبي وأبيكم ، فقد أراد غير ما ذهبتم إليه وتخيلتموه. وما يدريكم لعلّه عنى : أذهب إلى آدم (٥) أو إلى نوح ـ عليه السّلام ـ. لأنّ الله يرفعني إليهم ويجمعني معهم ، وآدم أبي وأبيكم وكذلك نوح. بل ما أراد غير هذا.
قال : فسكت النّصارى. وقالوا : ما رأينا كاليوم مجادلا ولا مخاصما مثلك ، وسننظر في أمورنا. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة. وتتمّته ، وهي الرّدّ على الفرق الثّلاثة الباقية ، مضى في أوّل سورة الأنعام.
وفي آخر الحديث قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : فو الّذي بعثه بالحقّ نبيّا ، ما أتت على جماعتهم إلّا ثلاثة أيّام حتّى أتوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأسلموا.
وكانوا خمسة وعشرين رجلا ، من كلّ فرقة خمسة. وقالوا : ما رأينا مثل حجّتك ، يا محمّد ، نشهد أنّك رسول الله.
وفي عيون الأخبار (٦) ، بإسناده إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ : عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ يهوديّا سأل عليّ بن أبي طالب ، فقال : أخبرني عمّا ليس عند الله ، وعمّا لا يعلمه الله ، وعمّا ليس لله.
فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : أمّا ما لا يعلمه الله ، فذاك قولكم ، يا معشر اليهود : إنّ عزير ابن الله ، والله لا يعلم له ولدا (٧). وأمّا قولك : ما ليس عند الله ، فليس عند الله ظلم
__________________
(١) ليس في المصدر.
(٢) المصدر : مبطل.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : نعمها.
(٤) من المصدر.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : آدم أبي وأبيكم.
(٦) العيون ٢ / ٤٦.
(٧) المصدر : ابنا.