له : يا محمّد ، أو لستم تقولون : إنّ إبراهيم خليل الله؟
قال : قد قلنا ذلك.
فقال : إذا قلتم ذلك ، فلم منعتمونا من أن نقول : إنّ عيسى ابن الله؟
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّهما [لن يشتبها] (١). لأنّ قولنا : إنّ إبراهيم خليل الله ، فإنّما هو مشتقّ من الخلّة. والخلّة إنّما معناها : الفقر والفاقة. فقد كان خليلا إلى ربّه فقيرا ، وإليه منقطعا ، وعن غيره متعفّفا معرضا مستغنيا. وذلك لمّا أريد قذفه في النّار ، فرمي به في المنجنيق ، فبعث الله جبرئيل ـ عليه السّلام ـ وقال له : أدرك عبدي.
فجاءه فلقيه في الهواء ، فقال : كلّفني ما بدا لك ، فقد بعثني الله لنصرتك.
فقال : بل حسبي الله ونعم الوكيل ، إنّي لا أسأل غيره ولا حاجة لي إلّا إليه.
فسمّاه خليله ، أي : فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عمّن سواه.
وإذا جعل معنى ذلك من الخلّة (٢) ـ وهو أنّه قد تخلّل معانيه ووقف على أسرار لم يقف عليها غيره ـ كان [الخليل] (٣) معناه : العالم به وبأموره. ولا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه. ألا ترون أنّه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله ، وإذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله؟ وإنّ من يلده الرّجل ـ وإن أهانه وأقصاه ـ لم يخرج عن أن يكون ولده. لأنّ معنى الولادة قائم به. ثمّ [إن وجب لأنّه قال لإبراهيم : خليلي ، أن تقيسوا أنتم فتقولوا بأنّ] (٤) عيسى ابنه ، وجب ـ أيضا ـ [كذلك أن تقولوا لموسى : إنّه ابنه. فإنّ] (٥) الّذي معه من المعجزات لم يكن بدون ما كان مع عيسى. فقولوا : إنّ موسى ـ أيضا ـ ابنه. وإنّه يجوز أن تقولوا على هذا المعنى : إنّه شيخه وسيّده وعمّه ورئيسه وأميره ، كما ذكرته لليهود.
فقال بعضهم لبعض : وفي الكتب المنزلة ، أنّ عيسى قال : أذهب إلى أبي [وأبيكم] (٦).
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فإن كنتم بذلك الكتاب تعملون ، فإنّ فيه :
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم يشبها.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : الخلّة والعالم.
(٣) من المصدر.
(٤) من المصدر. وفي النسخ : انّ من أوجب أن يقول على قول إبراهيم خليله أن يقسوا أنتم كذلك فتقولون : إنّ.
(٥) من المصدر. وفي النسخ : قال.
(٦) من المصدر.