ثمّ ذكر أتباع نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأتباع هذه الأمة ، الّتي وصفها بكتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها داعية إليه وأذن لها في الدّعاء إليه ، فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١).
ثمّ وصف أتباع نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ من المؤمنين فقال : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ، تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً ، سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ، ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) (٢). وقال : يوم لا يخزي الله النّبيّ والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم» (٣) يعني : أولئك المؤمنين. وقال : (أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (٤).
ثمّ حلاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللّحاق بهم إلّا من كان منهم ، فقال فيما حلالهم به ووصفهم : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ـ إلى قوله ـ أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٥). وقال في صفتهم وحليتهم أيضا : (الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) (٦).
ثمّ أخبر أنّه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم (أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ، يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ، وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ).
ثمّ ذكر وفاءهم له بعهده ومبايعته (٧) ، فقال : (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ ، فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٨).
فلما نزلت هذه الآية (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)
__________________
(١) الأنفال / ٦٤.
(٢) الفتح / ٢٩.
(٣) التحريم / ٨.
(٤) المؤمنون / ٢.
(٥) المؤمنون / ٣ ـ ١١.
(٦) الفرقان / ٦٨ ـ ٦٩.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : ثم ذكر وآفاهم (وأتاهم ـ خ ل) له بعده ومتابعته.
(٨) التوبة / ١١١.