(فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ) : بأن مات على الكفر. [فإنّه يجب ما قبله ويدلّ على الكفر] (١) أو أوحى إليه الله ، بأنّه لن يؤمن.
(تَبَرَّأَ مِنْهُ) : قطع استغفاره.
وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن بعض أصحابه قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما يقول النّاس في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ)؟
قلت : يقولون : إنّ إبراهيم وعد أباه أن يستغفر (٣) له.
قال : ليس هو هكذا. إنّ إبراهيم وعده أن يسلم ، فاستغفر له. فلمّا تبين له أنّه عدوّ لله ، تبرأ منه.
أبو إسحاق الهمدانيّ (٤) ، عن الخليل (٥) ، عن أبي عبد الله قال : صلّى رجل إلى جنبي فاستغفر لأبويه ، وكانا ماتا في الجاهلية.
فقلت : تستغفر لأبويك ، وقد ماتا في الجاهليّة؟
قال : فقد استغفر إبراهيم لأبيه.
فلم أدر ما أردّها عليه ، فذكرت ذلك للنبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فأنزل الله (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ ـ إلى قوله (٦) ـ وَعَدَها إِيَّاهُ ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ).
قال : لمّا مات (٧) تبيّن أنّه عدوّ لله ، فلم يستغفر له.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٨) : قوله : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ).
قال : قال إبراهيم لأبيه : إن لم تعبد الأصنام ، استغفرت لك. فلمّا لم يدع الأصنام ، تبرأ منه.
(إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ) ، أي : يكثر التأوّه. وهو كناية عن فرط ترحّمه ورقّة قلبه.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في المتن.
(٢) تفسير العياشي ٢ / ١١٤ ، ح ١٤٦.
(٣) المصدر : «ليستغفر» بدل «أن يستغفر».
(٤) تفسير العياشي ٢ / ١١٤ ، ح ١٤٨.
(٥) في بعض نسخ المصدر : عن رجل.
(٦) المصدر : «إلّا عن موعدة» بدل «إلى قوله».
(٧) المصدر : [مات].
(٨) تفسير القمي ١ / ٣٠٦.