أطلاق ويقال : طلقت بفتح اللام تطلق فهي طالق وطالقة ؛ قال الأعشى : [الطويل]
١١٠٣ ـ أيا جارتا بيني فإنّك طالقة |
|
..........(١) |
وحكى ثعلب : «طلقت» بالضم ، وأنكره الأخفش. والطلاق يجوز أن يكون مصدرا ، أو اسم مصدر ، وهو التطليق.
قوله : «فإنّ الله» ظاهره أنّه جواب الشرط ، وقال أبو حيان : ويظهر أنّه محذوف ، أي : فليوقعوه ، وقرأ (٢) عبد الله : «فإن فاءوا فيهنّ» وقرأ أبيّ «فيها» والضمير للأشهر.
وقراءة الجمهور ظاهرها أنّ الفيئة والطّلاق إنما تكون بعد مضيّ الأربعة الأشهر ، إلّا أنّ الزمخشريّ لمّا كان يرى بمذهب أبي حنيفة : وهو أنّ الفيئة في مدّة الأربعة الأشهر ، ويؤيّده القراءة المتقدّمة ، احتاج إلى تأويل الآية بما نصّه : «فإن قلت : كيف موقع الفاء ، إذا كانت الفيئة قبل انتهاء مدة التربّص؟ قلت : موقع صحيح ؛ لأنّ قوله : (فَإِنْ فاؤُ). (وَإِنْ عَزَمُوا) تفصيل لقوله : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) ، والتفصيل يعقب المفصّل ، كما تقول : أنا نزيلكم هذا الشّهر ، فإن أحمدتكم ، أقمت عندكم إلى آخره ، وإلّا لم أقم إلّا ريثما أتحوّل» ، قال أبو حيان (٣) : «وليس بصحيح ، لأنّ ما مثل به ليس نظير الآية ؛ ألا ترى أنّ المثال فيه إخبار عن المفصّل حاله ، وهو قوله : «أنّا نزيلكم هذا الشّهر» ، وما بعد الشرطين مصرّح فيه بالجواب الدالّ على اختلاف متعلّق فعل الجزاء ، والآية ليست كذلك ؛ لأنّ الذين يؤلون ليس مخبرا عنهم ، ولا مسندا إليهم حكم ، وإنما المحكوم عليه تربّصهم ، والمعنى : تربّص المؤلين أربعة أشهر مشروع لهم بعد إيلائهم ، ثم قال : (فَإِنْ فاؤُ وَإِنْ عَزَمُوا) فالظاهر أنّه يعقب تربّص المدة المشروعة بأسرها ، لأنّ الفيئة تكون فيها ، والعزم على الطلاق بعدها ؛ لأنّ التقييد المغاير لا يدلّ عليه اللفظ ، وإنما يطابق الآية أن تقول : «للضّيف إكرام ثلاثة أيّام ، فإن أقام ، فنحن كرماء مؤثرون ، وإن عزم على الرحيل ، فله أن يرحل» ، فالمتبادر إلى الّذّهن أنّ الشرطين مقدّران بعد إكرامه».
قوله : (سَمِيعٌ عَلِيمٌ) قال أبو حنيفة : سميع لإيلائه ، عليم بعزمه.
قال القرطبي (٤) : دلّت هذه الآية على أنّ الأمة الموطوءة بملك اليمين لا يكون فيها إيلاء ، إذ لا يقع عليها طلاق.
__________________
(١) صدر بيت وعجزه :
كذاك أمور الناس غاد وطارقه
ينظر : ديوانه (٢٦٣) ، الإنصاف (٧٦٠) ، المخصص ٣ / ٤٨ ، القرطبي ٣ / ١١٠ ، الدر المصون ١ / ٥٥٢.
(٢) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٠٣ ، غير أن ابن عطية نسبهما إلى أبي ، وانظر : البحر المحيط ٢ / ١٩٣.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٢ / ١٩٥.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٧٤.