أحدها ـ وهو مذهب البصريّين ـ : وجوب إعادة الجارّ إلّا في ضرورة.
الثاني : أنّه يجوز ذلك في السّعة مطلقا ، وهو مذهب الكوفيين ، وتبعهم أبو الحسن ويونس والشّلوبين.
والثالث : التّفصيل ، وهو إن أكّد الضّمير ؛ جاز العطف من غير إعادة الخافض نحو : «مررت بك نفسك ، وزيد» ، وإلّا فلا يجوز إلا ضرورة ، وهو قول الجرميّ ، والّذي ينبغي جوازه مطلقا لكثرة السّماع الوارد به ، وضعف دليل المانعين واعتضاده بالقياس.
أمّا السّماع : ففي النّثر كقولهم : «ما فيها غيره ، وفرسه» بجرّ «فرسه» عطفا على الهاء في «غيره». وقوله : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١] في قراءة جماعة كثيرة ، منهم حمزة كما سيأتي إن شاء الله ، ولو لا أنّ هؤلاء القرّاء ، رووا هذه اللغة ، لكان مقبولا بالاتّفاق ، فإذا قرءوا بها في كتاب الله تعالى كان أولى بالقبول.
ومنه : (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) [الحجر : ٢٠] ف «من» عطف على «لكم» في قوله تعالى : (لَكُمْ فِيها مَعايِشَ). وقوله : (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ) [النساء: ١٢٧] عطف على : «فيهنّ» ، وفيما يتلى عليكم. أما النّظم فكثير جدّا ، فمنه قول العبّاس بن مرداس: [الوافر]
١٠٥٤ ـ أكرّ على الكتيبة لا أبالي |
|
أفيها كان حتفي أم سواها (١) |
ف «سواها» عطف على «فيها» ؛ وقول الآخر : [الطويل]
١٠٥٥ ـ تعلّق في مثل السّواري سيوفنا |
|
وما بينها والأرض غوط نفانف (٢) |
وقول الآخر : [الطويل]
١٠٥٦ ـ هلّا سألت بذي الجماجم عنهم |
|
وأبي نعيم ذي اللّواء المحرق (٣) |
وقول الآخر : [الطويل]
١٠٥٧ ـ بنا أبدا لا غيرنا تدرك المنى |
|
وتكشف غمّاء الخطوب الفوادح (٤) |
__________________
(١) تقدم برقم ٨٤ ..
(٢) البيت لمسكين الدارمي ينظر ديوانه ص ٥٣ (وفيه ، تنائف) مكان (نفانف) ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٦٤ ، والحيوان ٦ / ٤٩٤ ، ولسان العرب (غوط) وشرح المفصل ٣ / ٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٦٣ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٣٠ ، والإنصاف ٢ / ٤٦٥. والدر المصون ١ / ٥٣٠.
(٣) ينظر : الإنصاف (٤٦٦) وخزانة الأدب ٥ / ١٢٢٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٦٢ والبحر ٢ / ١٥٦ ، والدر المصون ١ / ٥٣٠.
(٤) ينظر المقاصد النحوية ٤ / ١٦٦ ، شرح عمدة الحافظ ص (٦٦٤) ، الإنصاف (٤٦٦) البحر ٣ / ١٥٦ ، الدر المصون ١ / ٥٣٠.