من عمومها خمسة أقسام ، فأطلق لفظ «المطلّقات» على قسم واحد.
والجواب : أما الأجنبيّة فخارجة عن اللّفظ ، فإنّ الأجنبيّة لا يقال فيها : إنّها مطلّقة ، وأما غير المدخول بها فالقرينة تخرجها ؛ لأن أصل العدّة شرعت لبراءة الرّحم (١) ، والحاجة إلى البراءة لا تحصل إلّا عند سبق الشّغل ، وأمّا الحامل والآيسة فهما خارجتان عن اللّفظ ؛ لأن إيجاب الاعتداد بالأقراء ، يكون لمن يجب الأقراء في حقّه.
وأمّا الرقيق فتزويجهن كالنّادر ، فثبت أن الأعمّ الأغلب باق تحت العموم.
فإن قيل : «يتربّصن» خبر والمراد منه الأمر ، فما الفائدة في التّعبير عن الأمر بلفظ الخبر؟
__________________
والثالث : التفصيل بين أن يكون التخصيص بالاستثناء والبدل فيجوز إلى الواحد ، وإلا فلا. حكاه ابن المطهر.
والرابع : أنه لا يجوز رده إلى أقل الجمع مطلقا على حسب اختلافهم في أقل الجمع. حكاه ابن برهان وغيره.
والخامس : أنه يجوز في جميع ألفاظ العموم ما بقي في قضية اللفظ واحد ، وحكاه إمام الحرمين في «التلخيص» عن معظم أصحاب الشافعي.
والسادس : الذي اختاره ابن الحاجب. قال الأصفهاني في «شرح المحصول» : ولا نعرفه لغيره ، أن التخصيص إن كان متصلا ، فإن كان بالاستثناء أو البدل جاز إلى الواحد ، نحو أكرم الناس إلا الجهال ، وأكرم الناس تميما ، فيجوز وإن لم يكن العالم إلا واحدا. وإن كان بالصفة والشرط ، فيجوز إلى اثنين ، نحو أكرم القوم الفضلاء ، أو إذا كانوا فضلاء. وإن كان التخصيص بمنفصل ، وكان في العام المحصور القليل ، كقولك : قتلت كل زنديق ، وكانوا ثلاثة ، ولم يبق سوى اثنين ، جاز إلى اثنين. وإن كان غير محصور أو محصورا جاز بشرط كون الباقي قريبا من مدلول العام. ينظر البحر المحيط ٢ / ٢٥٥ ـ ٢٥٨.
(١) شرع الله العدة لحكم كثيرة ومصالح جمة ـ منها : العلم ببراءة الرحم ، وأن لا يجتمع ماء الواطئين فأكثر في رحم واحد ، فتختلط الأنساب وتفسد ، وفي ذلك ما تمنعه الشريعة الغرّاء ـ ومنها : إظهار شرف النكاح ، وحرمة العقد وخطورته ، وأنه ليس من الأمور التي يستهان بها ، ويجعل ألعوبة بيد المرأة حتى يتسنى لها بمجرد أن تنحل عقدتها من الرجل أن تفترش لغيره من ساعته ، بل لا بد من الانتظار والتربص وإظهار أثر النكاح بما يترتب عليه من العدة ؛ إعلاما بأن هذا النكاح من ذوي الشأن والميزات من بين العقود ، وما أجله من سر عند ذوي الأفهام الثاقبة ، والقرائح المتوقدة.
ومنها : قضاء حق الزوج وإظهار تأثير فقده في المنع من التزين والتجمل ، ولذلك شرع الإحداد عليه أكثر من الإحداد على الوالد والولد. فلو لم يكن ثمة عدة وتزوجت بغيره فورا ، لكان هذا من أعظم هضم لحقوق الزوج الذي طالما أمدها بنعمه وغرس في هيكل جسمها بذور نعمائه ؛ فلذلك شرعت لرعاية حرمته ، وحفظا لناموس كرامته.
ومنها : تطويل زمان الرجعة للمطلق ؛ لعله أن يتذكر فيندم ويتفكر طول عشرتها معه فيتألم ويشعر بخدمتها له ، فيرجع إليها فيتهذب ويتعلم.
ومنها : الأخذ بالأحوط لمصلحة الزوج والزوجة والقيام بشئون الولد ؛ لعلها بعد تفرقها من بعلها وهي ذات ولد أن ترجع عما يهجس بخاطرها من الغضب والغطرسة ، فترجع إلى زوجها ؛ لتربية ولدها في عز أبيه وصولة والده ، فتكون قد أحسنت لنفسها ولزوجها وولدها ، وأنعم بها حكمة وأكرم بها مصلحة.