ابتداء الغاية ، واللام للتّبليغ ، وحتّى للتعليل ، كذا قال أبو حيّان (١) ، قال شهاب الدّين : والظّاهر أنها للغاية ؛ لأنّ المعنى على ذلك ، أي : يمتدّ عدم التحليل له إلى أن تنكح زوجا غيره ، فإذا طلّقها وانقضت عدّتها منه حلّت للأول المطلّق ثلاثا ، ويدلّ على هذا الحذف فحوى الكلام.
و «غيره» صفة ل «زوجا» ، وإن كان نكرة ، لأنّ «غير» وأخواتها لا تتعرّف بالإضافة ؛ لكونها في قوّة اسم الفاعل العامل.
و «زوجا» هل هو للتقييد أو للتوطئة؟ وينبني على ذلك فائدة ، وهي أنه إن كان للتقييد : فلو كانت المرأة أمة ، وطلّقها زوجها ، ووطئها سيّدها ، لم تحلّ للأول ؛ لأنه ليس بزوج ، وإن كانت للتوطئة حلّت ؛ لأنّ ذكر الزوج كالملغى ، كأنه قيل : حتى تنكح غيره ، وإنّما أتى بلفظ «زوج» ؛ لأنه الغالب.
فإن قيل : ما الحكمة في إسناد النّكاح إلى المرأة دون الرجل فقال «حتّى تنكح زوجا»؟
فالجواب : فيه فائدتان :
إحداهما : ليفيد أنّ المقصود من هذا النكاح الوطء ، لا مجرّد العقد ؛ لأن المرأة لا تعقد عقد النكاح ، بخلاف الرجل ؛ فإنه يطلّق عند العقد.
الثانية : لأنّه أفصح ، لكونه أوجز.
فإن قيل : فقد أسند النّكاح إلى المرأة في قوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : «أيّما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليّها فنكاحها باطل» (٢) وإنما أراد العقد.
فالجواب : أن هذا يدلّ لنا ؛ لأنّ جعل إسناد النكاح إلى المرأة ، والمراد به العقد ، يكون باطلا ، وكلامنا في إسناد النّكاح الصّحيح.
قال أهل اللّغة : النكاح في اللغة : هو الضّمّ والجمع ، يقال : تناكحت الأشجار ، إذا انضم بعضها إلى بعض.
فصل
الذين قالوا : بأن التسريح بالإحسان هو الطّلقة الثالثة ، قالوا : إنّ قوله : (فَإِنْ طَلَّقَها) تفسير للتسريح بالإحسان.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٢١٣.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٠٨٣) والترمذي (١ / ٢٠٤) وابن ماجه (١٨٧٩) وأحمد (٦ / ٤٧ ، ١٦٥) والشافعي (١٥٤٣) والدارمي (٢ / ١٣٧) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢ / ٤) وابن الجارود (٧٠٠) وابن حبان (١٢٤٨ ـ موارد) والدارقطني (٣٨١) والحاكم (٢ / ١٦٨) والبيهقي (٧ / ١٠٥) والطيالسي (١٤٦٣).
وقال الترمذي : هو عندي حسن. وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين.