أكثر الفقهاء ، وإن كان للزّوج السكنى دون الرّقبة ، فلها السكنى في مدّة العدّة ؛ خلافا لأبي حنيفة والشّافعيّ ؛ لقوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ للفريعة ـ وقد علم أن زوجها يملك رقبة المسكن ـ : «أمكثي في بيتك حتّى يبلغ الكتاب أجله».
وهذا إذا كان قد أدّى الكراء ، فإن كان لم يؤدّ الكراء ، فالذي في «المدوّنة» أنّه لا سكنى لها في مال الميّت ، وإن كان موسرا ؛ لأنّ حقّها إنما يتعلق بما يملكه من السّكنى ملكا تامّا ، وما لم ينقد عوضه لم يملكه ملكا تامّا ، وإنّما ملك العوض الذي بيده ، ولا حقّ في ذلك للزّوجة إلّا بالميراث ، دون السّكنى ؛ لأنّ ذلك مال ، وليس بسكنى (١). وروي عن مالك : أن الكراء (٢) لازم للميّت في ماله.
فصل
ولها أن تخرج في حوائجها نهارا إلى بعد العتمة ، ولا تبيت إلّا في منزلها ، وقوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ «لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر» يدلّ على أنّ الكتابيّة لا إحداد عليها ، وبه قال أبو حنيفة ، وروي عن مالك أنّ عليها الإحداد ؛ كالمسلمة ، وبه قال الشافعيّ.
فصل
والإحداد واجب على جميع الزّوجات الحرائر والإماء والصغار والكبار ، وذهب أبو حنيفة أنّه لا إحداد على أمة ، ولا على صغيرة ، وقال الحسن : الإحداد ليس بواحب (٣).
قوله : «بالمعروف» فيه أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون حالا من فاعل «فعلن» ، أي : فعلن ملتبسات بالمعروف ومصاحبات له.
والثاني : أنه مفعول به ، أي : تكون الباء باء التعدية.
الثالث : أن يكون نعت مصدر محذوف ، أي : فعلن فعلا بالمعروف ، أي : كائنا ، ويجيء فيه مذهب سيبويه (٤) : أنه حال من ضمير المصدر المعرفة ، أي : فعلنه ـ أي الفعل ـ ملتبسا بالمعروف ، وهو الوجه الرابع.
قوله (بِما تَعْمَلُونَ) متعلق ب «خبير» ، وقدّم لأجل الفاصلة ، و «ما» يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى «الذي» أو نكرة موصوفة ، وهو ضعيف ، وعلى هذين القولين ، فلا بدّ من عائد محذوف ، وعلى الأوّل لا يحتاج إليه ، إلا على رأي ضعيف.
__________________
(١) في ب : مسكن.
(٢) في ب : الكراء.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١١٩.
(٤) ينظر : الكتاب لسيبويه ١ / ١١٦.