القسم الثاني : التي لا تجوز خطبتها ؛ لا تصريحا ، ولا تعريضا ، وهي زوجة الغير ؛ لأنّ خطبتها ربما صارت سببا لتشويش الأمر على زوجها ، من حيث إنها إذا علمت رغبة الخاطب ، فربما حملها ذلك على الامتناع من تأدية حقوق الزوج ، والتسبب إلى هذا حرام ، والرجعية كذلك ؛ لأنها في حكم الزوجة ؛ لصحة طلاقها ، وظهارها ، ولعانها ، وعدّتها منه عدّة الوفاة إذا مات عنها ويتوارثان.
القسم الثالث : أن يفصل في حقّها بين التعريض ، والتّصريح ، وهي المعتدة غير (١) الرجعيّة ، وهي ثلاثة أقسام :
الأول : المعتدة عدّة الوفاة ، يجوز خطبتها تعريضا ؛ لقوله تعالى : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ) فظاهره أنها المتوفّى عنها زوجها ؛ لأنها مذكورة عقب تلك الآية ، ولمّا خصّص التعريض بعدم الجناج ، دلّ على أنّ التصريح بخلافه ، والمعنى يؤكّده ؛ لأن التصريح لا يحتمل غير النكاح ، فربما حملها الحرص على النكاح ، على الإخبار بانقضاء العدّة قبل أوانها بخلاف التعريض ، فإنّه يحتمل غير ذلك ، فلا يدعوها إلى الكذب.
الثاني : المعتدة عن الطلاق الثلاث ، والبائن باللّعان والرّضاع ففي جواز التعريض بخطبتها خلاف.
فقيل : يجوز التعريض بخطبتها ، لأنّها ليست في نكاح ، فأشبهت المتوفى عنها.
وقيل : لا يجوز لأنّ عدتها بالأقراء ، فلا يؤمن عليها الكذب في الإخبار بانقضاء عدّتها ؛ لرغبتها في الخطّاب.
الثالث : البائن لطلاق أو فسخ ، وهي التي يجوز لزوجها نكاحها في عدّتها كالمختلعة ، والتي انفسخ نكاحها بعيب أو عنّة ، أو إعسار نفقة ، فهذه يجوز لزوجها التصريح ، والتعريض ؛ وأمّا غير الزوج ، فلا يحلّ له التصريح ، وفي التعريض خلاف ، والصحيح : أنّه لا يحلّ لأنها معتدة ، تحلّ للزوج أن يستنكحها في عدّتها ، فلم يحلّ التعريض لها كالرجعية.
وقيل : هي كالمتوفّى عنها زوجها ، والمطلقة ثلاثا.
قوله تعالى : (أَوْ أَكْنَنْتُمْ) «أو» هنا للإباحة ، أو التخيير ، أو التفصيل ، أو الإبهام على المخاطب ، «وأكنّ» في نفسه شيئا ، أي : أخفاه ، وكنّ الشيء بثوب ونحوه : أي ستره به ، فالهمزة في «أكنّ» للتفرقة بين الاستعمالين ك «أشرقت ، وشرقت».
وقال الفراء (٢) : للعرب في «أكننت الشيء» أي : سترته ، لغتان : كننته ، وأكننته في
__________________
(١) في ب : عن.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١١٢.