وقرأ الجمهور : «الموسع» بسكون الواو وكسر السين ، اسم فاعل من أوسع يوسع ، وقرأ (١) أبو حيوة بفتح الواو وتشديد السين ، اسم مفعول من «وسّع». وقرأ حمزة (٢) والكسائيّ وابن ذكوان وحفص : «قدره» بفتح الدال في الموضعين ، والباقون بسكونها.
واختلفوا : هل هما بمعنى واحد ، أو مختلفان؟ فذهب أبو زيد والأخفش (٣) وأكثر أئمة العربية إلى أنهما بمعنى واحد ، حكى أبو زيد : «خذ قدر [كذا] وقدر كذا» ، بمعنى واحد ، قال : «ويقرأ في كتاب الله : (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) [الرعد : ١٧] و «قدرها» ، وقال : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) [الأنعام : ٩١] ولو حركت الدال ، لكان جائزا. وذهب جماعة إلى أنهما مختلفان ، فالساكن مصدر والمتحرك اسم ؛ كالعدّ والعدد ، والمدّ والمدد ، وكأنّ القدر بالتسكين الوسع ، يقال : «هو ينفق على قدره» أي وسعه ، وقيل : بالتّسكين الطاقة ، وبالتحريك المقدار ، قال أبو جعفر : «وأكثر ما يستعمل بالتحريك ، إذا كان مساويا للشيء ، يقال : هذا على قدر هذا».
وقرأ بعضهم بفتح الراء ، وفي نصبه وجهان :
أحدهما : أن يكون منصوبا على المعنى.
قال أبو البقاء (٤) : وهو مفعول على المعنى ؛ لأنّ معنى «متّعوهنّ» [ليؤدّ كلّ منكم قدر وسعه» وشرح ما قاله : أن يكون من باب التضمين ، ضمّن «متّعوهنّ»] معنى «أدّوا».
والثاني : أن يكون منصوبا بإضمار فعل ، تقديره : فأوجبوا على الموسع قدره ، وجعله أبو البقاء (٥) أجود من الأول ، وفي السّجاونديّ : «وقال ابن أبي عبلة : قدره ، أي : قدره الله» انتهى.
وظاهر هذا : أنه قرأ بفتح الدال والراء ، فيكون «قدره» فعلا ماضيا ، وجعل فيه ضميرا فاعلا يعود على الله تعالى ، والضمير المنصوب يعود على المصدر المفهوم من «متّعوهنّ» ، والمعنى: أنّ الله قدر وكتب الإمتاع على الموسع وعلى المقتر.
قوله : «متاعا» في نصبه وجهان :
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣١٩ ، والبحر المحيط ٢ / ٢٤٣ ، والدر المصون ١ / ٥٨٢.
(٢) انظر : السبعة ١٨٤ ، والحجة ٢ / ٣٣٨ ، وحجة القراءات ١٣٧ ، والعنوان ٧٤ ، وشرح الطيبة ١٠٣ ـ ١٠٥ ، وشرح شعلة ٢٩١ ، وإتحاف ١ / ٤٤١ ـ ٤٤٢.
(٣) ينظر : معاني القرآن للأخفش ٣٧٢.
(٤) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٩.
(٥) ينظر : المصدر السابق.