تبعا ؛ لقوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : «إن استطعتم ألّا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها» (١) يعني : العصر ، والفجر ، ثم قرأ جرير (٢) : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها) [طه : ١٣٠]. وروى عمّار بن رؤيبة قال : سمعت رسول صلىاللهعليهوسلم يقول : «لن يلج النّار أحد صلّى قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها» (٣) يعني الفجر والعصر ، وقيل : العشاء والصبح ؛ لأن أبا الدّرداء ـ رضي الله عنه ـ قال في مرضه الذي مات فيه : اسمعوا ، وبلّغوا من خلفكم : حافظوا على هاتين الصّلاتين ، يعني في جماعة ـ العشاء والصّبح ، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا على مرافقكم.
قوله : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) قال ابن عباس : القنوت : الدعاء ، والذكر (٤) بدليل قوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً) [الزمر : ٩]. ومنه الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم قنت يدعو على رعل ، وذكوان ، وعصيّة ، وأحياء من سليم (٥). وقيل : مصلّين (٦) ؛ لقوله: «أم هو قانت آناء اللّيل».
وقال الشعبيّ ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وطاوس ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل : القنوت : الطاعة (٧) ، ويدلّ عليه وجهان :
الأول : ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «كلّ قنوت في القرآن فهو طاعة» (٨).
__________________
(١) أخرجه البخاري (١ / ٢٣١) كتاب مواقيت الصلاة باب فضل صلاة العصر (٥٥٤) و (١ / ٢٣٨) كتاب مواقيت الصلاة باب فضل صلاة الفجر رقم (٥٧٣) ومسلم كتاب المساجد (٢١٢) وأحمد (٤ / ٣٦٢) والبيهقي (١ / ٤٦٤) وابن خزيمة (٣١٧) وأبو عوانة (١ / ٣٧٦) والبغوي (٤ / ٢٨٦) والطبري في تفسيره (٦ / ١٦٨) والخطيب (٨ / ٣٣٦).
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٣٩.
(٣) أخرجه مسلم (١ / ٤٤٠) كتاب المساجد : باب فضل صلاة الصبح والعصر (٢١٣ / ٦٣٤) وأحمد (٤ / ٢٦١) والنسائي (١ / ٢٣٥) وابن خزيمة (٣١٩) والبغوي في «شرح السنة» (٢ / ٤٠) وابن أبي شيبة (٢ / ٣٨٦).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٢٣٥) عن ابن عباس.
(٥) أخرجه أبو داود (٢ / ٦٨) كتاب الصلاة باب القنوت في الصلوات رقم (١٤٤٣) والنسائي (٢ / ٢٠٣) وأحمد (١ / ٣٠١ ـ ٣٠٢).
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس كما في «الدر المنثور» (١ / ٥٤٤).
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ـ ٢٣٠) عن الشعبي وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وطاووس وقتادة والضحاك ومقاتل.
(٨) أخرجه أحمد (٣ / ٧٥) وأبو يعلى (٢ / ٥٢٢) رقم (١٣٧٩) وابن حبان (١٧٢٤ ـ موارد) والطبري في «تفسيره» (٥ / ٢٣٠ ـ ٢٣١) وأبو نعيم في «الحلية» (٨ / ٣٢٥) وأبو جعفر النحاس في «الناسخ والمنسوخ» ص ١٧ وابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨١).
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٦ / ٣٢٠) وقال : رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وفي إسناد أحمد وأبي يعلى ابن لهيعة وهو ضعيف. وذكره أيضا السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥٤٥) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي نصر السجزي في الإبانة والضياء في «المختارة».