١١٥٤ ـ للبس عباءة وتقرّ عيني |
|
.......... (١) |
قيل : هذا لا يصحّ لوجهين :
أحدهما : أنّ «قرضا» هنا مصدر مؤكّد ، والمصدر المؤكّد لا يقدّر ب «أن» والفعل.
والثاني : أنّ عطفه عليه يوجب أن يكون معمولا ليقرض ، ولا يصحّ هذا في المعنى ؛ لأنّ المضاعفة ليست مقرضة ، وإنّما هي فعل الله تعالى ، وتعليله في الوجه الأول يؤذن بأنه يشترط في النصب أن يعطف على مصدر يتقدّر ب «أن» والفعل ، وهذا ليس بشرط ؛ بل يجوز ذلك وإن كان الاسم المعطوف عليه غير مصدر ؛ كقوله : [الطويل]
١١٥٥ ـ ولو لا رجال من رزام أعزّة |
|
وآل سبيع أو أسوءك علقما (٢) |
ف «أسوءك» منصوب ب «أن» ؛ عطفا على «رجال» ، فالوجه في منع ذلك أن يقال : لو عطف على «قرضا» ؛ لشاركه في عامله ، وهو «يقرض» فيصير التّقدير : من ذا الذي يقرض مضاعفة ، وهذا ليس صحيحا معنى.
وقد تقدّم أنّه قرئ «يضاعف» ، و «يضعّف» فقيل : هما بمعنى ، وتكون المفاعلة بمعنى فعل المجرد ، نحو عاقبت ، وقيل : بل هما مختلفان ، فقيل : إنّ المضعّف للتكثير. وقيل : إنّ «يضعّف» لما جعل مثلين ، و «ضاعفه» لما زيد عليه أكثر من ذلك.
والقرض : القطع ، ومنه : «المقراض» لما يقطع به وانقطع القوم هلكوا وانقطع أثرهم وقيل للقرض «قرض» ؛ لأنه قطع شيء من المال ، وهذا أصل الاشتقاق ، ثم اختلف أهل العلم في «القرض» فقيل : هو اسم لكلّ ما يلتمس الجزاء عليه. وقيل : أن يعطي شيئا ليرجع إليه مثله. وقال الزّجّاج والكسائي (٣) : «هو البلاء حسنا كان أو سيئا» ، تقول العرب : لك عندي قرض حسن وسيّئ ، والمراد منه الفعل الذي يجازى عليه.
قال أميّة بن الصّلت : [البسيط]
١١٥٦ ـ كلّ امرئ سوف يجزى قرضه حسنا |
|
أو سيّئا ومدينا مثل ما دانا (٤) |
واختلفوا في أنّ إطلاق لفظ القرض على هذا ، هل هو حقيقة أو مجاز.
__________________
(١) تقدم برقم ٧٦٢.
(٢) البيت للحصين بن الحمام ينظر في خزانة الأدب ٣ / ٣٢٤ ، والدرر ٤ / ٧٨ ، وشرح اختيارات المفضل ص ٣٣٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٤٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٥٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤١١ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٧٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٥٩ ، والمحتسب ١ / ٣٢٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠ ، ١٧ ، والدر المصون ١ / ٥٩٦.
(٣) ينظر : معاني القرآن للزجاج ١ / ٣١٩.
(٤) ينظر : ديوانه (٨٠) ، القرطبي ٣ / ١٥٦ ، الرازي ٦ / ١٤٢.