قوله : «فيضاعفه» قرأ عاصم (١) وابن عامر هنا ، وفي الحديد بنصب الفاء ، إلّا أنّ ابن عامر وعاصما ويعقوب يشدّدون العين من غير ألف وبابه التشديد وقرأ أبو عمرو في الأحزاب والباقون برفعها ، إلّا أنّ ابن كثير يشدّد العين من غير ألف ؛ فحصل فيها أربع قراءت.
أحدها : قرأ أبو عمرو ونافع ، وحمزة ، والكسائيّ فيضاعفه بالألف ورفع الفاء.
والثانية : قراءة عاصم «فيضاعفه» بالألف ونصب الفاء.
والثالثة : قرأ ابن كثير : «فيضعّفه» بالتّشديد ، ورفع الفاء.
والرابعة : قرأ ابن عامر فيضعّفه بالتّشديد ، ونصب الفاء. فالرّفع من وجهين :
أحدهما : أنّه عطف على «يقرض» الصّلة.
والثاني : أنّه رفع على الاستئناف أي : فهو يضاعفه ، والأول أحسن لعدم الإضمار.
والنصب من وجهين :
أحدهما : أنّه منصوب بإضمار «أن» عطفا على المصدر المفهوم من «يقرض» في المعنى ، فيكون مصدرا معطوفا على مصدر تقديره : من ذا الذي يكون منه إقراض فمضاعفة من الله تعالى كقوله : [الوافر]
١١٥٣ ـ للبس عباءة وتقرّ عيني |
|
أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (٢) |
والثاني : أنه نصب على جواب الاستفهام في المعنى ؛ لأنّ الاستفهام وإن وقع عن المقرض لفظا ، فهو عن الإقراض معنى كأنه قال : أيقرض الله أحد فيضاعفه.
قال أبو البقاء (٣) : «ولا يجوز أن يكون جواب الاستفهام على اللفظ ؛ لأنّ المستفهم عنه في اللّفظ المقرض أي الفاعل للقرض ، لا عن القرض ، أي : الذي هو الفعل» وقد منع بعض النّحوييّن النّصب بعد الفاء في جواب الاستفهام الواقع عن المسند إليه الحكم لا عن الحكم ، وهو محجوج بهذه الآية وغيرها ، كقوله : «من يستغفرني ؛ فأغفر له ، من يدعوني ؛ فأستجيب له» بالنصب فيهما.
قال أبو البقاء (٤) : فإن قيل : لم لا يعطف [الفعل على] المصدر الذي هو «قرضا» كما يعطف الفعل على المصدر بإضمار «أن» كقول الشاعر [الوافر]
__________________
(١) انظر : السبعة ١٨٥ ، والحجة ٢ / ٣٤٣ ، ١٤٤ ، والعنوان ٧٤ ، وحجة القراءات ١٣٨ ، ١٣٩ ، وشرح شعلة ٢٩٣ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٠٧ ، وإتحاف فضلاء البشر ١ / ٤٤٣.
(٢) تقدم برقم ٧٦٢.
(٣) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١٠٢.
(٤) ينظر : المصدر السابق.