قال وهب : كان دبّاغا (١).
وقال السدّيّ : مكاريا (٢).
وقال آخرون : كان سقّاء (٣) ، واسمه بالعبرانية ساول بن قيس ، وكان من سبط بنيامين ابن يعقوب ، وكانوا عملوا ذنبا عظيما ، كانوا ينكحون النّساء على ظهر الطّريق نهارا ، فغضب الله عليهم ونزع الملك والنبوة عنهم وكانوا يسمون سبط الإثم ، ثمّ إنّ الله تعالى أجابهم عن شبهتهم بقوله : «إنّ الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم».
والاصطفاء : أخذ الملك من غيره صافيا ، واصطفاه واستصفاه ، بمعنى : الاستخلاص ، وهو أخذ الشّيء خالصا.
وقال الزّجّاج : مأخوذ من الصّفوة ، فأصله اصتفى بالتاء ، فأبدل التّاء بالطّاء ليسهل النّطق بها بعد الصّاد.
فصل
أحدهما : كونه ليس من بيت المملكة.
والثاني : كونه فقيرا ؛ ردّ الله عليهم ذلك بأنه قد حصل فيه وصفان :
أحدهما : العلم.
والثاني : القدرة ، وهذان الوصفان أشدّ مناسبة لاستحقاق الملك من الوصفين الأوّلن لوجوه :
أحدها : أنّ العلم ، والقدرة من باب الكمالات الحقيقيّة ، والمال والجاه ليس كذلك.
الثاني : أنّ العلم ، والقدرة يمكن التوصّل بهما إلى المال والجاه ، ولا ينعكس.
الثالث : أنّ المال والجاه ، يمكن سلبهما عن الإنسان ، والعلم والقدرة ، لا يمكن سلبهما عنه.
الرابع : أنّ العالم بأمر الحرب ، والقويّ الشّديد على المحاربة ، ينتفع به في حفظ مصلحة الملك ، ودفع شرّ الأعداء ، أكثر من الانتفاع بالرجل النّسيب الغنيّ الذي لا قدرة له على دفع الأعداء ، ولا يحفظ مصلحة الملك.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٠٨ ، ٣٠٩) وابن أبي حاتم كما في «الدر المنثور» (١ / ٥٥٩) عن السدي.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣١١) وزاد نسبته السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥٦٠) لعبد بن حميد.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١٤٨.
(٣) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١٠٤.