بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٢١٧)
قرأ الجمهور : «قتال» بالجرّ ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه خفض على البدل من «الشّهر» بدل الاشتمال ؛ إذ القتال واقع فيه ، فهو مشتمل عليه.
والثاني : أنه خفض على التّكرير ، قال أبو البقاء (١) : «يريد أنّ التقدير : عن قتال فيه». وهو معنى قول الفراء (٢) إلّا أنّه قال : هو مخفوض ب «عن» مضمرة. وهذا ضعيف جدّا ؛ لأنّ حرف الجرّ لا يبقى عمله بعد حذفه في الاختيار. وهذا لا ينبغي أن يعدّ خلافا بين البصريين ، والكسائي ، والفراء ؛ لأنّ البدل عند جمهور البصريين على نيّة تكرار العامل ، وهذا هو بعينه قول الكسائي.
وقوله : لأنّ حرف الجرّ لا يبقى عمله بعد حذفه إن أراد في غير البدل ، فمسلّم ، وإن أراد
في البدل ، فممنوع ، وهذا هو الذي عناه الكسائي.
الثالث : قال أبو عبيدة (٣) : «إنه خفض على الجوار».
قال أبو البقاء (٤) : «وهو أبعد من قولهما ـ يعني الكسائيّ والفراء ـ لأنّ الجوار من
__________________
(١) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٢.
(٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٤١.
(٣) ينظر : مجاز القرآن ١ / ٧٢.
(٤) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٢.