أحدها : أنّه جسم عظيم يسع السّموات ، والأرض قال الحسن : هو العرش نفسه (١).
وقال أبو هريرة : الكرسيّ : موضوع أمام العرش (٢) ومعنى قوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي : سعته مثل سعة السّموات والأرض.
وقال السّدّيّ : إنّه دون العرش ، وفوق السّماء السّابعة (٣) ، وفي الأخبار أن السموات والأرض في جنب الكرسيّ كحلقة في فلاة (٤) ، والكرسي في جنب العرش كحلقة في فلاة.
وأمّا ما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : الكرسيّ : موضع القدمين (٥) فمن البعيد أن يقول ابن عباس هو موضع القدمين لأن الله سبحانه وتعالى منزه عن الجوارح.
وثانيها : أنّ «الكرسي» هو السّلطان ، والقدرة ، والملك.
ثالثها : هو العلم ، لأنّ العلم هو الأمر المعتمد عليه «والكرسيّ» هو الشّيء الذي يعتمد عليه ، وقد تقدّم هذا.
ورابعها : ما اختاره القفّال (٦) وهو : أنّ المقصود من هذا الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه ؛ لأنّه خاطب الخلق في تعريف ذاته ، وصفاته بما اعتادوه في ملوكهم ، وعظمائهم كما جعل الكعبة بيتا له يطوف النّاس به كما يطوفون ببيوت ملوكهم ، وأمر النّاس بزيارته ، كما يزورون بيوت ملوكهم (٧).
وذكر في الحجر الأسود «أنّه يمين الله في أرضه» (٨) وجعله موضوعا للتقبيل كما
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٩٩) عن الحسن وذكره السيوطي في «الدر المنثور» وعزاه لابن جرير وحده.
(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢٣٩.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي كما في «الدر المنثور» (١ / ٥٨١).
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥٨١) وعزاه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٥) أخرجه الحاكم (٢ / ٢٨٢) عن ابن عباس وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥٨٠) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في «الأسماء والصفات».
وله شاهد من حديث أبي موسى :
أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٩٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥٨٠) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ والبيهقي في «الأسماء والصفات».
(٦) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ١٢.
(٧) سقط في ب.
(٨) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٦ / ٢٣٨) ، وابن عدي في «الكامل» (٥ / ١٧٨٠) وابن الجوزي في ـ