١١٨٤ ـ فلمّا علونا ... |
|
.......... (١) |
البيت المتقدّم ، وقال تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) [القصص : ٤].
قال ابن الخطيب (٢) : لو كان علوّه بالمكان لكان متناهيا ؛ فإنّ الجزء المفروض فوقه ، أعلى منه ، فلا يكون عليّا مطلقا ، وإن كان غير متناه ، وقد دلّت البراهين اليقينيّة على استحالة بعد غير متناه.
وأيضا فلو فرضنا في ذلك نقطا (٣) غير متناهية ، فإن لم يحصل فوق تلك النّقط نقطة (٤) أخرى ، وكانت تلك النّقطة طرفا (٥) لذلك البعد ، فيكون متناهيا ، وإن لم يوجد في ذلك البعد سفلا فلا يكون فيها ما هو فوق على الإطلاق ، وذلك ينفي حصول العلوّ المطلق ، ولأنّ العالم كرة ، فكل علوّ بالنسبة إلى أحد وجهي الأرض هو سفل بالنسبة للوجه الثاني ، فينقلب العلوّ سفلا ، ولأن لو كان علّوه بالمكان ، لكان حصول العلوّ للمكان بالذّات ، والله تعالى بالعرض (٦) وما بالذات أشرف منها بالعرض ، فيكون علوّ المكان أشرف من علوّه سبحانه ، وذلك باطل.
و «العظيم» تقدّم معناه ، وقيل : هو هنا بمعنى المعظّم ؛ كما قالوا : «عتيق» بمعنى : معتّق ؛ قال القائل : [الخفيف]
١١٨٥ ـ فكأنّ الخمر العتيق من الإس |
|
فنط ممزوجة بماء زلال (٧) |
قيل : وأنكر ذلك لانتفاء هذا الوصف. وقيل في الجواب عنه : إنّه صفة فعل ، كالخلق ، والرّزق ، والأوّل أصحّ.
قال الزّمخشريّ : «فإن قلت : كيف ترتّبت الجمل في آية الكرسيّ من غير حرف عطف؟ قلت : ما منها جملة إلّا وهي واردة على البيان لما ترتّبت عليه ، والبيان متّحد بالمبيّن ، فلو توسّط بينهما عاطف لكان كما تقول العرب : «بين العصا ولحائها» فالأولى بيان لقيامه بتدبير الخلق وكونه مهيمنا عليه غير ساه عنه ، والثانية لكونه مالكا لما يدبّره ، والثالثة لكبرياء شأنه ، والرابعة لإحاطته بأحوال الخلق وعلمه بالمرتضى منهم ، المستوجب للشّفاعة وغير المرتضى ، والخامسة لسعة علمه ، وتعلّقه بالمعلومات كلّها ، أو لجلاله وعظم قدرته» انتهى. يعني غالب الجمل وإلّا فبعض الجمل فيها معطوفة وهي قوله : (وَلا يُحِيطُونَ) ، وقوله (وَلا يَؤُدُهُ) وقوله (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
__________________
(١) تقدم برقم ٣٤٧ ، ١١٨٣.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ١٢.
(٣) في ب : لفظا.
(٤) في ب : اليقطة يقظة.
(٥) في ب : اليقظة ظرفا.
(٦) في ب : بالغرض.
(٧) البيت للأعشى ينظر : ديوانه (٥) ، الطبري ٣ / ١٤ ، البحر ٢ / ٢٩١ ، الدر المصون ١ / ٦١٦.