ذهب نصفه ، فهو حلال ، ولكنه يكره ، وإن طبخ ، حتّى يذهب ثلثاه قالوا : هو حلال مباح شربه إلّا أنّ السّكر منه حرام.
وقال قوم : إذا طبخ صار العصير أدنى طبخ ، صار حلالا ، وهو قول إسماعيل بن علية ، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنّ كل شراب أسكر كثيره ، فهو خمر قليله حرام يحدّ شاربه ، وقد تقدّم ما أجابوا به.
والميسر : القمار ، مفعل من اليسر ، يقال : يسر ييسر ؛ قال علقمة : [البسيط]
١٠٦٨ ـ لو ييسرون بخيل قد يسرت بها |
|
وكلّ ما يسر الأقوام مغروم (١) |
وقال آخر : [الطويل]
١٠٦٩ ـ أقول لهم بالشّعب إذ ييسرونني |
|
ألم تيئسوا أنّي ابن فارس زهدم (٢) |
وفي اشتقاقه أربعة أقوال :
أحدها : من اليسر وهو السّهولة ؛ لأنّ أخذه سهل من غير كدر ولا تعب قاله مقاتل.
والثاني : من اليسار ، وهو الغنى ؛ لأنّه يسلبه يساره.
قال ابن عباس (٣) : كان الرّجل في الجاهليّة يخاطر الرّجل على أهله وماله فأيهما قمر صاحبه ؛ ذهب بأهله ، وماله ، فنزلت الآية.
الثالث : قال الواحديّ (٤) : إنه من قولهم : يسر لي هذا الشّيء ييسر يسرا وميسرا ، إذا وجب ، والياسر الواجب بسبب القداح. وحكاه الطبريّ عن مجاهد ، ورد ابن عطيّة عليه.
الرابع : من يسر إذا جزر ، والياسر الجازر ، وهو الذي يجزّئ الجزور أجزاء. قال ابن عطيّة : «وسمّيت الجزور التي يستهم عليها ميسرا ؛ لأنّها موضع اليسر ، ثمّ سمّيت السّهام ميسرا للمجاورة» واليسر : الذي يدخل في الضّرب بالقداح ، ويجمع على أيسار ، وقيل : بل «يسّر» جمع ياسر كحارس وحرّس وأحراس.
وللميسر كيفيّة ، وتسمّى سهامه القداح والأزلام والأقلام. وقيل : هي عشرة أقداح ، وقيل : أحد عشر ، لسبعة منها حظوظ ، وعلى كلّ منها خطوط ، فالخطّ يقدّر الحظّ ، وتلك القداح هي : الفذّ وله سهم واحد ، والتّوءم وله اثنان ، والرّقيب وله ثلاثة ، والحلس
__________________
(١) ينظر ديوانه (٧٧) ، البحر ٢ / ١٦٤ ، الدر المصون ١ / ٥٣٥.
(٢) البيت لسحيم ذكره ابن منظور ينظر اللسان : (يسر) ، ومشكل القرآن (١٩٢) ، الكشاف ٤ / ٥١٧ ، البحر ٢ / ١٦٣ ، الدر المصون ١ / ٥٣٥.
(٣) ينظر تفسير الفخر الرازي ٦ / ٣٩ ، والقرطبي ٣ / ٣٦.
(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٣٩.