إلى الّذي كنتم تراءون في الدّنيا ، [فانظروا] هل تجدون عندهم جزاء» (١).
وروى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حدّثه «أنّ الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضى بينهم ، وكلّ أمّة جاثية ، فأوّل من يدعون رجلا جمع القرآن ، ورجلا قتل في سبيل الله ورجلا كثير المال ، فيقول الله للقارئ : ألم أعلّمك ما أنزلت على رسولي؟ قال : بلى يا ربّ ، قال : فماذا عملت فيما علمت؟ قال : كنت أقوم به آناء اللّيل وآناء النّهار ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله ـ تبارك وتعالى ـ بل أردت أن يقال : فلان قارئ ، وقد قيل ذلك ويؤتى بصاحب المال فيقول الله تعالى له : ألم أوسع عليك حتّى [لم] أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال : بلى يا ربّ قال : فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال : كنت أصل الرّحم ، وأتصدّق ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله ـ تعالى ـ بل أردت أن يقال : فلان جواد ، وقد قيل ذلك ، ويؤتى بالّذي قتل في سبيل الله فيقول له : في ماذا قتلت؟ فيقول : يا ربّ أمرت بالجهاد في سبيلك ، فقاتلت حتّى قتلت ، فيقول الله : كذبت وتقول الملائكة : كذبت. ويقول الله تعالى بل أردت أن يقال فلان جريء ، وقد قيل ذلك ثمّ ضرب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على ركبتي ، ثمّ قال يا أبا هريرة أولئك الثّلاثة أوّل خلق الله تعالى تسعّر بهم النّار يوم القيامة (٢).
قوله (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ).
قوله (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) كقوله (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ) في جميع التّقادير فليراجع. وقرأ الجحدريّ «كمثل حبّة» بالحاء المهملة والباء.
في قوله : «ابتغاء» وجهان :
أحدهما : أنّه مفعول من أجله ، وشروط النّصب متوفّرة.
__________________
(١) أخرجه أحمد (٥ / ٢٢٨) والبغوي في «تفسيره» (١ / ٢٨٥) والطبراني في «الكبير» كما في المجمع (١٠ / ٢٢٥) والبيهقي في «شعب الإيمان» رقم (٦٨٣١).
وقال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي (٢٣٨٣) باب ما جاء في الرياء والسمعة والحاكم (١ / ٤١٨ ـ ٤١٩) والطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٣) وابن حبان (٢٥٠٢ ـ موارد) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٢٣) وزاد نسبته لابن المنذر.
وكذلك ذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (١ / ٦٢ ـ ٦٤) وقال : ورواه ابن خزيمة في صحيحه نحو هذا لم يختلف إلا في حرف أو حرفين.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وأخرجه مسلم مختصرا كتاب الإمارة باب من قاتل للرياء والسمعة (١٩٠٥) والنسائي (٦ / ٢٣ ـ ٢٤) والبيهقي (٩ / ١٦٨).