١٢٢٦ أ ـ وبينما المرء في الأحياء مغتبط |
|
إذ هو في الرّمس تعفوه الأعاصير (١) |
والإعصار من بين سائر أسماء الريح ، مذكر ، ولهذا رجع إليه الضمير مذكّرا في قوله : «فيه نار».
و «نار» يجوز فيه الوجهان : أعني الفاعلية ، والجارّ قبلها صفة ل «إعصار» والابتدائية ، والجارّ قبلها خبرها ، والجملة صفة «إعصار» ، والأول أولى ؛ لما تقدّم من أنّ الوصف بالمفرد أولى ، والجارّ أقرب إليه من الجملة.
قوله : «فاحترقت» أي : أحرقها ، فاحترقت ، فهو مطاوع لأحرق الرباعي ، وأمّا «حرق» من قولهم : «حرق ناب الرجل» إذا اشتدّ غيظه ، فيستعمل لازما ، ومتعدّيا ، قال : [الطويل]
١٢٢٦ ب ـ أبى الضّيم والنّعمان يحرق نابه |
|
عليه فأفضى والسّيوف معاقله (٢) |
روي برفع «نابه» ونصبه ، وقوله (كَذلِكَ يُبَيِّنُ لَكُمُ الْآياتِ) إلى آخره قد تقدّم نظيره.
فصل
قال عبيد بن عمير : قال عمر ـ رضي الله عنه ـ لأصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيمن ترون هذه الآية نزلت (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ؟) قالوا : الله أعلم ، فغضب عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال : قولوا : نعلم ، أو لا نعلم ، فقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين ، فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ يا ابن أخي ، قل ولا تحقر نفسك ، فقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : ضربت مثلا لعمل فقال عمر : أيّ عمل؟ فقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : لعمل منافق ، ومراء ، قال عمر ـ رضي الله عنه ـ : لأي رجل؟ قال لرجل غني يعمل بطاعة الله ، بعث الله له الشيطان ؛ فعمل بالمعاصي ؛ حتى أحرق أعماله (٣).
وقال المفسّرون (٤) : هذا مثل ضربه الله تعالى لعمل المنافق ، والمرائي ، يقول : عمله في حسنه كحسن الجنّة ، ينتفع به ، كما ينتفع صاحب الجنّة بالجنة.
__________________
(١) البيت لعثير بن لبيد أو حريث بن جبلة أو أبي عيينة المهلبي. وهو في أمالي القالي ٢ / ١٧٧ ، ورصف المباني ٣١٨ ، والدرر ١ / ١٧٣ ، واللسان (دهر) ، والدر المصون ١ / ٦٤٤.
(٢) البيت لزهير : ينظر ديوانه (١٤٣) ، الكامل ١ / ١٢٠ ، الجمهرة ٢ / ١٣٩ ، المحتسب ١ / ٥٨ ، البحر ٢ / ٣١٥ ، الحماسة للمرزوقي ٢ / ٥٧٦ ، التهذيب : حرق ، الدر المصون ١ / ٦٤٤.
(٣) أخرجه البخاري (٦ / ٦٧) كتاب التفسير باب سورة البقرة رقم (٤٥٣٨) والطبري في «تفسيره» (٥ / ٥٤٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦٠٢) وزاد نسبته لابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٤) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢٥٣.