قوله : «من الرّبا» متعلّق ببقي ، كقولهم : «بقيت منه بقية» ، والذي يظهر أنه متعلق بمحذوف ؛ على أنه حال من فاعل «بقى» ، أي : الذي بقي حال كونه بعض الربا ، فهي تبعيضية.
ونقل ابن عطية هنا أنّ العدويّ ـ وهو أبو السّمّال ـ قرأ (١) «من الرّبو» بتشديد الراء مكسورة ، وضمّ الباء بعدها واو. قال شهاب الدين : قد تقدم أنّ أبا السّمّال إنما قرأ «الرّبا» في أول الآية الكريمة بواو بعد فتحة الباء ، وأنّ أبا زيد حكى عن بعضهم : أنه ضمّ الباء ، وقدّمت تخريجهما على ضعفه.
وقال ابن جنّي (٢) : «شذّ هذا الحرف في أمرين :
أحدهما : الخروج من الكسر إلى الضم بناء لازما.
والآخر : وقوع الواو بعد الضمة في آخر الاسم ، وهذا شيء لم يأت إلّا في الفعل ؛ نحو : يغزو ويدعو ، وأمّا «ذو» الطائية بمعنى الذي فشاذة جدا ، ومنهم من يغيّر واوها ، إذا فارق الرفع ، فيقول : «رأيت ذا قام».
ووجه القراءة أنه لمّا فخّم الألف انتحى بها الواو التي الألف بدل منها ، على حدّ قولهم : الصّلاة والزكاة ، وهي بالجملة قراءة شاذة». قال شهاب الدين : غيره يقيّد هذه العبارة ، فيقول : «ليس في الأسماء المعربة واو قبلها ضمة» حتى يخرج عنه «ذو» بمعنى الذي ، و «هو» من الضمائر ، وابن جنّي لم يذكر القيد استثناء «ذو الطائية» ويرد عليه نحو «هو» ، ويرد على العبارة «ذو» بمعنى صاحب ؛ فإنّها معربة في آخرها واو بعد ضمة.
وقد أجيب عنه بأنها تتغيّر إلى الألف والياء فلم يبال بها ، وأيضا فإنّ ضمة الدّال عارضة ، إذ أصلها الفتح ، وإنما ضمّت ؛ إتباعا على ما تقرر في إعراب الأسماء الستة في كتب النحو.
وقوله : «بناء لازما» تحرّز من وجود الخروج من كسر إلى ضمّ ، بطريق العرض ؛ نحو : الحبك ؛ فإنه من التداخل ، ونحو : «الرّدء» موقوفا عليه ، فالخروج من كسر إلى ضمّ في هاتين الكلمتين ، ليس بلازم.
وقوله : «منهم من يغيّر واوها» المشهور بناؤها على الواو مطلقا ، وقد تعرب ؛ كالتي بمعنى صاحب ؛ وأنشدوا : [الطويل]
١٢٦٨ ـ فإمّا كرام موسرون لقيتهم |
|
فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا (٣) |
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٧٥.
(٢) ينظر : المحتسب لابن جني ١ / ١٤٢.
(٣) البيت لمنظور بن سحيم ينظر الدرر ١ / ٢٦٨ ، وشرح التصريح ١ / ٦٣ ، ١٣٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٥٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٠ ، وشرح المفصل ٣ / ١٤٨ ، والمقرب ١ / ٥٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٢٧ ، وللطائي في مغني اللبيب ٢ / ٤١٠ ، وأوضح المسالك ١ / ٤٢ ، وتخليص ـ