ملخصا ، ومعناه أنّ المفرد المحلّى بالألف واللام يعمّ أكثر من المفرد المضاف».
قال شهاب الدين : وليس في كلامه ما يدلّ على ذلك ألبتة ، إنما فيه أنّ مجيئها في الكلام معرّفة بأل أكثر من مجيئها مضافة ، وليس فيه تعرّض لكثرة عموم ولا قلّته.
وقيل : المراد بالكتاب هنا القرآن ؛ فيكون المراد الإفراد الحقيقيّ. وأمّا الجمع ، فلإرادة كلّ كتاب ؛ إذ لا فرق بين كتاب وكتاب ، وأيضا ؛ فإنّ فيه مناسبة لما قبله وما بعده من الجمع.
ومن قرأ بالتّوحيد في التحريم ، فإنما أراد به الإنجيل ؛ كإرادة القرآن هنا ، ويجوز أن يراد به أيضا الجنس ، وقد حمل على لفظ «كلّ» في قوله : «آمن» فأفرد الضمير ، وعلى معناه ، فجمع في قوله : (وَقالُوا سَمِعْنا) ، قال الزمخشريّ : ووحّد ضمير «كلّ» في «آمن» على معنى : كلّ واحد منهم آمن ، وكان يجوز أن يجمع ؛ كقوله تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل : ٨٧].
وقرأ يحيى (١) بن يعمر ـ ورويت عن نافع ـ «وكتبه ورسله» بإسكان العين فيهما ، وروي عن (٢) الحسن وأبي عمرو تسكين سين «رسله».
فصل
دلّت هذه الآية الكريمة على أنّ معرفة هذه المراتب الأربع من ضرورات الإيمان :
فالمرتبة الأولى : هي الإيمان بالله ـ سبحانه ـ بأنّه الصّانع القادر العالم بجميع المعلومات ، الغنيّ عن كلّ الحاجات.
والمرتبة الثانية : الإيمان بالملائكة ؛ لأنّه ـ سبحانه ـ إنّما يوحي إلى الأنبياء ـ عليهم الصّلاة والسّلام ـ بواسطة الملائكة ، قال : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) [النحل : ٢] ، وقال : (فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) [الشورى : ٥١] وقال : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) [الشعراء : ١٩٣ ـ ١٩٤] ، وقال : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) [النجم : ٥] ، وإذا ثبت أنّ وحي الله إنّما يصل إلى البشر بواسطة الملائكة ، فالملائكة واسطة بين الله وبين البشر ؛ فلهذا السّبب ذكر الملائكة في المرتبة الثانية ، ولهذا قال : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ) [آل عمران : ١٨].
والمرتبة الثالثة : الكتب ؛ وهو الوحي الذي يتلقّاه الملك من الله ـ تعالى ـ ، ويوصله إلى البشر ، فلمّا كان الوحي هو الّذي يتلقّاه الملك من الله ؛ فلهذا السّبب جعل في المرتبة الثالثة.
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٩٢ ، والبحر المحيط ٢ / ٣٧٩ ، والدر المصون ١ / ٦٩٤.
(٢) انظر : البحر المحيط ٢ / ٣٧٩ ، والدر المصون ١ / ٦٩٤. ـ