وقسّم بعض الشافعيّة الشرط إلى صحيح وفاسد ، ففي الأوّل العقد صحيح قطعا ، وفي الثاني إن لم يكن شيئا يفرد بعقد ولا يتعلّق به غرض يورث تنازعا ، لم يؤثّر في البيع ، كما لو عيّن الشهود وقلنا : لا يتعيّنون ، لم يفسد به العقد ، لأنّا (١) إذا ألغينا تعيين (٢) الشهود ، أخرجناه عن أن يكون من مقاصد العقد. وإن تعلّق به غرض ، فسد العقد بفساده ، للنهي عن بيع وشرط (٣). ولأنّه يوجب الجهل بالعوض.
وإن كان ممّا يفرد بعقد ، كالرهن والكفيل ، ففي فساد البيع بشرطهما على نعت الفساد قولان : الفساد ـ وبه قال أبو حنيفة ـ كسائر الشروط (٤) الفاسدة. والصحّة ـ وبه قال المزني ـ لأنّه يجوز إفراده عن البيع ، فلا يوجب فساده فساد البيع ، كالصداق لا يوجب فساده فساد النكاح (٥).
قال عبد الوارث بن سعيد : دخلت مكة فوجدت بها ثلاثة فقهاء كوفيّين : أبو حنيفة وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، فصرت إلى أبي حنيفة فسألته عمّن باع بيعا وشرط شرطا ، فقال : البيع والشرط فاسدان ، فأتيت ابن أبي ليلى فسألته ، فقال : البيع جائز والشرط باطل ، فأتيت ابن شبرمة فسألته ، فقال : البيع والشرط جائزان ، فرجعت إلى أبي حنيفة فقلت : إنّ صاحبيك خالفاك ، فقال : لست أدري ما قالا ، حدّثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن بيع وشرط. ثمّ أتيت ابن أبي ليلى ، فقلت : إنّ صاحبيك خالفاك ، فقال : ما أدري ما قالا ، حدّثني هشام بن
__________________
(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : ولأنّا. وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.
(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : تعيّن. وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.
(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٢٤٥ ، الهامش (٤).
(٤) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « العقود » بدل « الشروط ». وما أثبتناه من المصدر.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٠ ـ ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥ ـ ٧٦.