عن الاقدار عليه فتدل على نفى التكليف بغير المقدور كما ذكره الطبرسى وهذا المعنى اظهر واشمل (١) لان الانفاق من الميسور داخل فى ما آتاه الله فكيف كان فمن المعلوم ان ترك ما يحتمل التحريم ليس غير مقدور
نعم لو اريد من الموصول نفس الحكم والتكليف كان ايتائه عبارة عن الاعلام به لكن ارادته بالخصوص ينافى مورد الآية وارادة الاعم منه ومن المورد يستلزم استعمال الموصول فى معنيين وهو خلاف الظاهر
نعم فى رواية عبد الأعلى عن ابى عبد الله عليه السلم قال قلت له هل كلف الناس بالمعرفة قال لا على الله البيان لا يكلف الله نفسا الا وسعها ولا يكلف الله نفسا الا ما آتيها لكنه لا ينفع فى المطلب لان نفس المعرفة (٢) بالله غير مقدور قبل تعريف الله سبحانه فلا يحتاج دخولها فى الآية الى ارادة الاعلام من الايتاء فى الآية وسيجيء زيادة توضيح لذلك فى ذكر الدليل العقلى إن شاء الله تعالى ومما ذكرنا يظهر حال التمسك بقوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)
ومنها قوله تعالى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) بناء على ان بعث الرسول كناية عن بيان التكليف نقلا او عقلا لانه يكون به غالبا كما فى قولك لا ابرح من هذا المكان حتى يؤذن المؤذن كناية عن دخول الوقت فتدل على نفى العقاب قبل البيان ، وفيه ان ظاهره الاخبار بوقوع التعذيب سابقا بعد البعث فتختص بالعذاب الدنيوى الواقع فى الامم السابقة مع ان الآية (٣) انما تدل على نفى
__________________
١ ـ وجه الاظهرية ان الآية فى مقام المنة والانسب به العموم (م ط)
٢ ـ لعل الوجه فيه كون المراد بالمعرفة هى المعرفة الكاملة التى لا يهتدى اليها العباد بعقولهم القاصرة قبل تعريف الله تعالى بارسال الرسل وانزال الكتب لا المعرفة على نحو الاجمال فانه يكون مقدورا لغالبهم (شرح)
٣ ـ فالآية لا تدل على عدم التكليف إلّا اذا دلت على عدم الاستحقاق اذ لا ملازمة بين نفى فعلية العقاب ونفى التكليف كما فى الظهار وكما فى العزم على المعصية واذ لا دلالة لها على نفى الاستحقاق فلا دلالة لها على نفى التكليف (شرح)