الى بيان الثواب على اطاعة الله سبحانه بهذا الفعل فهى يكشف عن تعلق الامر بها من الشارع فالثواب هناك لازم للامر فيستدل به عليه استدلالا انيا ومثل ذلك استفادة الوجوب والتحريم مما اقتصر فيه على ذكر العقاب على الترك او الفعل ، واما الثواب الموعود فى هذه الاخبار فهو باعتبار الاطاعة الحكمية فهو لازم لنفس عمله المتفرع على السماع واحتمال الصدق ولو لم يرد به امر آخر اصلا فلا يدل على طلب شرعى آخر له ، نعم يلزم من الوعد على الثواب طلب ارشادى لتحصيل ذلك الموعود والغرض من هذه الاوامر كاوامر الاحتياط تأييد لحكم العقل والترغيب فى تحصيل ما وعد الله عباده المنقادين المعدودين بمنزلة المطيعين.
وان كان الثابت بهذه الاخبار خصوص الثواب البالغ كما هو ظاهر بعضها فهو وان كان مغايرا لحكم العقل باستحقاق اصل الثواب على هذا العمل بناء على ان العقل لا يحكم باستحقاق ذلك الثواب المسموع الداعى الى الفعل بل قد يناقش فى تسمية ما يستحقه هذا العامل لمجرد احتمال الامر ثوابا وان كان نوعا من الجزاء والعوض إلّا ان مدلول هذه الاخبار اخبار عن تفضل الله سبحانه على العامل بالثواب المسموع وهو ايضا ليس لازما لامر شرعى هو الموجب بهذا الثواب بل هو نظير قوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ملزوم لامر ارشادى يستقل به العقل بتحصيل ذلك الثواب المضاعف.
ثم ان الثمرة بين ما ذكرنا وبين الاستحباب الشرعى يظهر فى ترتب الآثار الشرعية المترتبة على المستحبات الشرعية مثل ارتفاع الحدث المترتب على الوضوء المأمور به شرعا فان مجرد ورود خبر غير معتبر بالامر به لا يوجب إلّا استحقاق الثواب عليه ولا يترتب عليه رفع الحدث فتامل وكذا الحكم باستحباب غسل المسترسل من اللحية فى الوضوء من باب مجرد الاحتياط لا يسوغ جواز المسح ببلله بل يحتمل قويا ان يمنع من المسح من بلله وان قلنا بصيرورية (١) مستحبا شرعيا فافهم.
__________________
١ ـ لان المسح لا بد من ان يكون من بلل الوضوء ولا يصح ببلل ما ليس منه