وان كان يورد عليه ايضا بان ثبوت الاجر لا يدل على الاستحباب الشرعى فالانصاف انه لا يخلو عن وجه لان الظاهر من هذه الاخبار كون العمل متفرعا على البلوغ وكونه الداعى على العمل ويؤيده تقييد العمل فى غير واحد من تلك الاخبار بطلب قول النبى (ص) والتماس الثواب الموعود ومن المعلوم ان العقل مستقل باستحقاق هذا العامل المدح والثواب.
وحينئذ فان كان الثابت فى هذه الاخبار اصل الثواب كانت مؤكدة بحكم العقل بالاستحقاق واما طلب الشارع لهذا الفعل فان كان على وجه الارشاد لاجل تحصيل هذا الثواب الموعود فهو لازم للاستحقاق المذكور وهو عين الامر بالاحتياط وان كان على وجه الطلب الشرعى المعبر عنه بالاستحباب فهو غير لازم للحكم بتنجز الثواب لان هذا الحكم تصديق لحكم العقل بتنجزه فيشبه قوله تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) يدخله جنات تجرى إلّا ان هذا وعد على الاطاعة الحقيقية وما نحن فيه وعد على الاطاعة الحكمية وهو الفعل الذى يعد معه العبد فى حكم المطيع فهو من باب وعد الثواب على نية الخير التى يعد معها العبد فى حكم المطيع من حيث الانقياد.
واما ما يتوهم من ان استفادة الاستحباب الشرعى فيما نحن فيه نظير استفادة الاستحباب الشرعى من الاخبار الواردة فى الموارد الكثيرة المقتصر فيها على ذكر الثواب للعمل مثل قوله عليهالسلام من سرح لحيته فله كذا مدفوع بان الاستفادة هناك باعتبار ان ترتب الثواب لا يكون إلّا مع الاطاعة حقيقة او حكما فمرجع تلك الاخبار (١)
__________________
١ ـ حاصل الفرق بين هذه الاخبار وما نحن فيه ان الثواب الموعود فى هذه الاخبار هو الثواب المترتب على نفس الفعل من حيث هو وهو مستلزم لكون الفعل من حيث هو مأمورا به وجوبا او استحبابا بخلاف ما نحن فيه فان الثواب فيه مترتب على الاتيان بالفعل بداعى كونه مما يثاب عليه وهو لا يستلزم الاستحباب الشرعى (م ق)