فى المسألة وجوها ثلاثة الحكم بالاباحة ظاهرا نظير ما يحتمل التحريم وغير الوجوب والتوقف بمعنى عدم الحكم بشيء لا ظاهرا ولا واقعا ومرجعه الى الغاء الشارع لكلا الاحتمالين فلا حرج فى الفعل ولا فى الترك بحكم العقل وإلّا لزم الترجيح بلا مرجح ووجوب الاخذ باحدهما بعينه اولا بعينه ومحل هذه الوجوه ما لو كان كل من الوجوب والتحريم توصليا بحيث يسقط بمجرد الموافقة اذ لو كانا تعبديين (١) محتاجين الى قصد امتثال التكليف او كان احدهما المعين كذلك لم يكن اشكال فى عدم جواز طرحهما والرجوع الى الاباحة لانه مخالفة قطعية عملية.
وكيف كان فقد يقال فى محل الكلام بالاباحة ظاهرا لعموم ادلة الاباحة الظاهرية مثل قولهم كل شيء لك حلال وقولهم ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم فان كلا من الوجوب والحرمة قد حجب عن العباد علمه ، وغير ذلك من ادلته حتى قوله (ع) كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهى اوامر على رواية الشيخ اذ الظاهر ورود احدهما بحيث يعلم تفصيلا فيصدق هنا انه لم يرد امر ولا نهى.
هذا كله مضافا الى حكم العقل بقبح المؤاخذة على كل من الفعل والترك فان الجهل باصل الوجوب علة تامة عقلا بقبح العقاب على الترك من غير مدخلية لانتفاء احتمال الحرمة فيه ، وكذا الجهل باصل الحرمة وليس العلم بجنس التكليف (٢) المردد بين نوعى الوجوب والحرمة كالعلم بنوع التكليف المتعلق بامر مردد حتى يقال ان التكليف فى المقام معلوم اجمالا واما دعوى وجوب الالتزام بحكم الله
__________________
١ ـ فاذا اتى به بلا نية او تركه كذلك حصلت المخالفة العملية القطيعة ، كما انه اذا اتى به بلا نية فى صورة كون الوجوب فقط تعبدية او تركه كذلك فى عكسها حصلت المخالفة القطعية ايضا (شرح)
٢ ـ لان اللازم من طرح العلم الاجمالى فى الاول ليس إلّا المخالفة الالتزامية كما فيما نحن فيه لان المكلف لا يخلو من فعل موافق لاحتمال الوجوب او ترك موافق لاحتمال الحرمة ، واللازم من طرح الثانى هو المخالفة بحسب العمل كما فى ترك الظهر والجمعة كليتهما وشرب الإناءين المشتبهين كليهما (م ق)