الملاقى انما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النجس بناء على ان الاجتناب عن النجس يراد به ما يعم الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط ولذا استدل السيد ابو المكارم فى الغنية على تنجس الماء القليل بملاقات النجاسة بما دل على وجوب هجر النجاسات فى قوله تعالى (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) و (ح) فحكم الشارع بوجوب هجر النجس المعلوم فى البين يوجب الهجر عن ملاقى كل واحد من المشتبهين او ان الاجتناب عن النجس لا يراد به الا الاجتناب عن العين وتنجس الملاقى للنجس حكم وضعى سببى يترتب على العنوان الواقعى من النجاسات نظير وجوب الحد للخمر فاذا شك فى ثبوته للملاقى جرى فيه اصل الطهارة واصل الاباحة.
والاقوى هو الثانى لمنع ما فى الغنية من دلالة وجوب هجر الرجز على وجوب الاجتناب عن ملاقى الرجز اذا لم يكن عليه اثر من ذلك الرجز فتنجيسه حينئذ ليس إلّا لمجرد تعبد خاص فالحكم بالاجتناب عن النجس فى البين لا يدل على وجوب هجر الملاقى.
فان قلت وجوب الاجتناب عن ملاقى المشتبه وان لم يكن من حيث ملاقاته له إلّا انه يصير كملاقاه فى العلم الاجمالى بنجاسته او نجاسة المشتبه الآخر فلا فرق بين المتلاقيين فى كون كل منهما احد طرفى الشبهة فهو نظير ما اذا قسم احد المشتبهين قسمين وجعل كل قسم فى اناء.
قلت ليس الامر كذلك لان اصالة الطهارة والحل فى الملاقى بالكسر سليم عن معارضة اصالة طهارة المشتبه الآخر بخلاف اصالة الطهارة والحل فى الملاقى بالفتح فانها معارضة بها فى المشتبه الآخر والسر فى ذلك ان الشك فى الملاقى بالكسر ناش عن الشبهة المتقومة بالمشتبهين فالاصل فيهما اصل فى الشك السببى والاصل فيه اصل فى الشك المسببى ، وقد تقرر فى محله ان الاصل فى الشك السببى حاكم ووارد على الاصل فى المسببى سواء كان مخالفا له كما فى اصالة طهارة الماء الحاكمة على اصالة نجاسة الثوب النجس المغسول به ام موافقا له كما فى اصالة