وما يرى من الحكم بالصحة فيما شك فى صدور الامر به على تقدير صدوره كبعض الصلوات والاغسال التى لم يرد بها نص معتبر واعادة بعض العبادات الصحيحة ظاهرا من باب الاحتياط فلا يشبه ما نحن فيه لان الامر على تقدير وجوده هناك لا يمكن قصد امتثاله الا بهذا النحو فهو اقصى ما يمكن هناك بخلاف ما نحن فيه حيث يقطع بوجود امر من الشارع فان امتثاله لا يكون إلّا باتيان ما يعلم مطابقته له واتيان ما يحتمله لاحتمال مطابقته له لا يعد اطاعة عرفا.
وكيف كان فالعامل بما يقتضيه البراءة مع الشك حين العمل لا يصلح عبادته وان انكشف مطابقته للواقع اما لو غفل عن ذلك او سكن فيه الى قول من يسكن اليه من ابويه وامثالهما فعمل باعتقاد التقرب فهو خارج عن محل كلامنا الذى هو فى عمل الجاهل الشاك قبل الفحص بما يقتضيه البراءة اذ مجرى البراءة فى الشاك دون الغافل ومعتقد الخلاف فالاقوى صحته اذا انكشف مطابقته للواقع اذ لا يعتبر فى العبادة إلّا اتيان المأمور به على قصد التقرب ؛ والمفروض حصوله والعلم بمطابقته للواقع او الظن بها من طريق معتبر شرعى غير معتبر فى صحة العبادة لعدم الدليل فان ادلة وجوب رجوع المجتهد الى الادلة ورجوع المقلد الى المجتهد انما هى لبيان الطرق الشرعية التى لا يقدح مع موافقتها مخالفة الواقع لا لبيان اشتراط كون الواقع ماخوذا من هذه الطرق كما لا يخفى على من لاحظها.
ثم ان مرآة مطابقة العمل (١) الصادر للواقع العلم بها او الطريق الذى يرجع اليه المجتهد او المقلد ، وتوهم ان ظن المجتهد او فتواه لا يؤثر فى الواقعة السابقة غلط لان مؤدى ظنه نفس الحكم الشرعى الثابت للاعمال الماضية والمستقبلة ؛ واما ترتيب الاثر على الفعل الماضى فهو بعد الرجوع فان فتوى المجتهد بعدم وجوب السورة كالعلم فى ان اثرها قبل العلم عدم وجوب السورة فى الصلاة وبعد العمل عدم وجوب اعادة الصلاة الواقعة من غير سورة كما تقدم نظير ذلك فى المعاملات
__________________
١ ـ الوجوه الاربعة المذكورة فى الامر الآتي جارية فيها (م ق)