العلماء عدم وجوب الفحص ايضا وهو مقتضى حكم العقلاء فى بعض الموارد مثل قول المولى لعبده اكرم العلماء او المؤمنين فانه لا يجب الفحص فى المشكوك حاله فى المثالين إلّا انه قد يتراءى ان بناء العقلاء فى بعض الموارد على الفحص والاحتياط كما اذا امر المولى باحضار علماء البلد او اطبائها او اضافتهم او اعطاء كل واحد منهم دينارا فانه قد يدعى ان بنائهم على الفحص عن اولئك وعدم الاقتصار على المعلوم ابتداء مع احتمال وجود غيرهم فى البلد.
واما كلمات الفقهاء فمختلفة فى فروع هذه المسألة فقد افتى جماعة منهم كالشيخ والفاضلين وغيرهم بانه لو كان له فضة مغشوشة بغيرها وعلم بلوغ الخالص نصابا وشك فى مقداره وجب التصفية ليحصل العلم بالمقدار او الاحتياط باخراج ما يتيقن معه البراءة ، نعم استشكل فى التحرير فى وجوب ذلك وصرح غير واحد من هؤلاء مع عدم العلم ببلوغ الخالص النصاب بانه لا يجب التصفية والفرق بين المسألتين مفقود ، الا ما ربما يتوهم من ان العلم بالتكليف ثابت مع العلم ببلوغ النصاب بخلاف ما لم يعلم به ، وفيه ان العلم بالنصاب لا يوجب الاحتياط مع القدر المتيقن ودوران الامر بين الاقل والاكثر مع كون الزائد على تقدير وجوبه تكليفا مستقلا ، ألا ترى انه لو علم بالدين وشك فى قدره لم يوجب ذلك الاحتياط والفحص ، مع انه لو كان هذا المقدار يمنع من اجراء البراءة قبل الفحص لمنع منها بعده اذ العلم الاجمالى لا يجوز معه الرجوع الى البراءة ولو بعد الفحص.
ثم الذى يمكن ان يقال فى وجوب الفحص انه اذا كان العلم بالموضوع المنوط به التكليف يتوقف كثيرا على الفحص بحيث لو اهمل الفحص لزم الوقوع فى مخالفة التكليف كثيرا ، تعين هنا بحكم العقلاء اعتبار الفحص ثم العمل بالبراءة كبعض الامثلة المتقدمة فان اضافة جميع علماء البلد او اطبائهم لا يمكن للشخص
__________________
ـ الوجوبية فغير قابلة للتأمل ولا ينافيه تقييدها بالنسبة الى الشبهات الحكمية بالادلة المتقدمة ؛ واما العقلى فيشكل التعويل عليه (م الهمدانى)