فاشتغل بكذا فان العقلاء يوجبون عليه الاشتغال بكذا اذا لم يعلم بوجوب شيء على نفسه من قبل المولى.
وان كان على الوجه الثانى الراجع الى وجود العلم الاجمالى بثبوت حكم مردد بين حكمين فان اريد باعمال الاصل فى نفى احدهما اثبات الآخر ففيه ان مفاد ادلة اصل البراءة مجرد نفى التكليف دون اثباته وان كان الاثبات لازما واقعيا لذلك النفى فان الاحكام الظاهرية انما يثبت بمقدار مدلول ادلتها ولا يتعدى الى ازيد منه بمجرد ثبوت الملازمة الواقعية بينه وبين ما ثبت إلّا ان يكون الحكم الظاهرى الثابت بالاصل موضوعا لذلك الحكم الآخر كما ذكرنا فى مثال براءة الذمة عن الدين والحج وسيجيء توضيح ذلك فى باب تعارض الاستصحابين وان اريد باعماله فى احدهما مجرد نفيه دون الاثبات فهو جار إلّا انه معارض بجريانه فى الآخر فاللازم اما اجرائه فيهما فيلزم طرح ذلك العلم الاجمالى لاجل العمل بالاصل واما اهماله فيهما وهو المطلوب واما اعمال احدهما بالخصوص فترجيح بلا مرجح ، نعم لو لم يكن العلم الاجمالى فى المقام مما يضر طرحه لزم العمل بهما كما تقدم انه احد الوجهين فيما اذا دار الامر بين الوجوب والتحريم وكيف كان فسقوط العمل بالاصل فى المقام لاجل المعارض ولا اختصاص لهذا الشرط باصل البراءة بل يجرى فى غيره من الاصول والادلة.
الثانى ان لا يتضرر باعمالها مسلم كما لو فتح انسان قفس طائر فطار او حبس شاة فمات ولدها او امسك رجلا فهرب دابته فان اعمال البراءة فيها (١) يوجب تضرر المالك فيحتمل اندراجه فى تحت قاعدة الاتلاف وعموم قوله (ص) لا ضرر ولا ضرار فلا علم حينئذ ولا ظن بان الواقعة غير منصوصة فلا يتحقق شرط التمسك بالاصل من فقدان النص.
__________________
١ ـ اى اصالة براءة الذمة عن الاشتغال بقيم تلك المتلفات او استصحابها فانه لا فرق عنده بين البراءة واستصحاب العدم (شرح)