ان القضية المغياة سواء كانت اخبارا عن الواقع وكانت الغاية قيدا للمحمول كما فى قولنا الثوب طاهر الى ان يلاقى نجسا ام كانت ظاهرية مغياة بالعلم بعدم المحمول كما فى ما نحن فيه قد يقصد المتكلم مجرد ثبوت المحمول للموضوع ظاهرا او واقعا من غير ملاحظة كونه مسبوقا بثبوته له وقد يقصد المتكلم به مجرد الاستمرار لا اصل الثبوت بحيث يكون اصل الثبوت مفروغا عنه والاول (١) اعم من الثانى من حيث المورد.
اذا عرفت هذا فنقول ان معنى الرواية اما ان يكون خصوص المعنى الثانى وهو القصد الى بيان الاستمرار بعد الفراغ عن ثبوت اصل الطهارة فيكون دليلا على استصحاب الطهارة لكنه خلاف الظاهر واما خصوص المعنى الاول الاعم منه و ـ حينئذ لم يكن فيه دلالة على استصحاب الطهارة وان شمل مورده إلّا ان الحكم فيما علم طهارته (٢) ولم يعلم طرو القذارة له ليس من حيث سبق طهارته بل باعتبار مجرد كونه مشكوك الطهارة فالرواية تفيد قاعدة الطهارة حتى فى مسبوق الطهارة لا استصحابها ومنشأ الاشتباه فى هذا المقام ملاحظة عموم القاعدة لمورد الاستصحاب فيتخيل ان الرواية تدل على الاستصحاب ، ولكن دلالتها على طهارة مستصحب الطهارة غير دلالتها على اعتبار استصحاب الطهارة وإلّا فقد يجرى فى مسبوق النجاسة على اقوى الوجهين الآتيين فى باب معارضة الاستصحاب للقاعدة.
__________________
١ ـ لشموله لما شك فى طهارته وليس له حالة سابقة او لم يعلم حالته السابقة بل والمشكوك الذى علم بسبق النجاسة له بناء على ما سيذكره المصنف ره (شرح)
٢ ـ والحاصل ان هنا قواعد ثلاثة قاعدة البراءة وقاعدة الحلية وقاعدة الطهارة واما الاستصحاب فهو من حيث هو مخالف لها وإن كان قد يتصادق معها موردا ؛ فاصالة البراءة غير استصحابها واصالة الحلية والطهارة غير استصحابهما ، وقوله كل شيء لك مطلق او حلال او طاهر ادلة مثبتة لتلك القواعد لا الاستصحاب الجارى فى موردها فلا يتوهم جواز الاستدلال بادلتها لتلك الاستصحابات (شرح)