العمل فى مورد بحكم لا يقتضيه دليله لو لا الدليل الحاكم وسيجيء توضيحه إن شاء الله ففيما نحن فيه اذا قال الشّارع اعمل بالبينة فى نجاسة ثوبك والمفروض ان الشك موجود مع قيام البينة على نجاسة الثوب فان الشارع حكم فى دليل وجوب العمل بالبينة برفع اليد عن آثار الاحتمال المخالف للبينة التى منها استصحاب الطهارة وربما يجعل العمل بالادلة فى مقابل الاستصحاب من باب التخصيص بناء على ان المراد من الشك هو عدم الدليل والطريق والتحير فى العمل ومع قيام الدليل الاجتهادى لا حيرة وان شئت قلت المراد به عدم اليقين الظاهرى فان المفروض دليلا قطعى الاعتبار فنقض الحالة السابقة به نقض باليقين ، ثم المراد بالدليل الاجتهادى كل امارة اعتبرها الشارع من حيث انها تحكى عن الواقع ويكشف عنه بالقوة ويسمى فى نفس الاحكام ادلة اجتهادية وفى الموضوعات امارة معتبرة فما كان مما نصبه الشارع غير ناظر الى الواقع او كان ناظرا لكن فرض ان الشارع اعتبره لا من هذه الحيثية بل من حيث مجرد احتمال مطابقته للواقع فليس اجتهاديا وهو من الاصول وان كان مقدما على بعض الاصول الأخر والظاهر ان الاستصحاب والقرعة من هذا القبيل.
ومصاديق الادلة والامارات فى الاحكام والموضوعات واضحة غالبا وقد يختفى فيتردد الشيء بين كونه دليلا وبين كونه اصلا لاختفاء كون اعتباره من حيث كونه ناظرا الى الواقع او من حيث هو كما فى اليد المنصوبة دليلا على الملك وكذلك اصالة الصحة عند الشك فى عمل نفسه بعد الفراغ واصالة الصحة فى عمل الغير وقد يعلم عدم كونه ناظرا الى الواقع وكاشفا عنه وانه من القواعد التعبدية لكن يختفى حكومته مع ذلك على الاستصحاب لانا قد ذكرنا انه قد يكون الشيء الغير الكاشف منصوبا من حيث تنزيل الشارع الاحتمال المطابق له منزلة الواقع إلّا ان الاختفاء فى تقديم احد التنزيلين على الآخر وحكومته عليه.