فلا بد للمتعدى من المرجحات الخاصة المنصوصة من احد امرين (١) اما ان يستنبط من النصوص ولو بمعونة الفتاوى وجوب العمل بكل مزية يوجب اقربية ذيها الى الواقع واما ان يستظهر من اطلاقات التخيير الاختصاص بصورة التكافؤ من جميع الوجوه والحق ان تدقيق النظر فى اخبار الترجيح يقتضى التزام الاول كما ان التامل الصادق فى اخبار التخيير يقتضى التزام الثانى ولذا ذهب جمهور المجتهدين الى عدم الاقتصار على المرجحات الخاصة بل ادعى بعضهم ظهور الاجماع وعدم ظهور الخلاف على وجوب العمل بالراجح من الدليلين بعد ان حكى الاجماع عليه عن جماعة.
وكيف كان فما يمكن استفادة هذا المطلب منه فقرات من الروايات منها الترجيح بالاصدقية فى المقبولة وبالاوثقية فى المرفوعة فان اعتبار هاتين الصفتين ليس إلّا لترجيح الاقرب الى مطابقة الواقع فى نظر الناظر فى المتعارضين من حيث انه اقرب من غير مدخلية خصوصية سبب وليستا كالاعدلية والافقهية يحتملان لاعتبار الاقربية الحاصلة من السبب الخاص وحينئذ فنقول اذا كان احد الراويين اضبط من الآخر او اعرف بنقل الحديث بالمعنى او شبه ذلك فيكون اصدق واوثق من الراوى الآخر ونتعدى من صفات الراوى المرجحة الى صفات الرواية الموجبة لا قريبة صدورها لان اصدقية الراوى واوثقيته لم يعتبر فى الراوى الا من حيث حصول صفة الصدق والوثاقة فى الرواية فاذا كان احد الخبرين منقولا باللفظ والآخر منقولا بالمعنى كان الاول اقرب الى الصدق واولى بالوثوق ومنها تعليله عليهالسلام الاخذ بالمشهور بقوله فان المجمع عليه لا ريب فيه توضيح ذلك ان معنى كون الرواية مشهورة كونها معروفة عند الكل كما يدل عليه فرض السائل كليهما مشهورين والمراد بالشاذ ما لا يعرفه إلّا القليل ولا ريب ان المشهور بهذا المعنى ليس قطعيا من جميع الجهات حتى يصير مما لا ريب
__________________
١ ـ هذا على سبيل منع الخلو لا الجمع بداهة عدم التنافى بين الامرين (الطوسى)