الاول ان الادلة الخاصة التى اقاموها على حجية خبر العادل لا تدل الا على حجية اخبار عن حس لان العمدة من تلك الادلة هو الاتفاق الحاصل من عمل القدماء واصحاب الائمة (ع) ومعلوم عدم شموله الا للرواية المصطلحة وكذلك الاخبار الواردة فى العمل بالروايات.
واما الآيات فالعمدة فيها من حيث وضوح الدلالة هى آية النبأ وهى انما تدل على وجوب قبول خبر العادل دون خبر الفاسق والظاهر منها (١) بقرينة التفصيل بين العادل حين الاخبار والفاسق وبقرينة تعليل اختصاص التبين بخبر الفاسق بقيام احتمال الوقوع فى الندم احتمالا مساويا لان الفاسق لا رادع له عن الكذب ، هو عدم الاعتناء باحتمال تعمد كذبه لا وجوب البناء على اصابته وعدم خطائه فى حدسه ، لان الفسق والعدالة حين الاخبار لا تصلحان مناطين لتصويب المخبر وتخطئته بالنسبة الى حدسه وكذا احتمال الوقوع فى الندم من جهة الخطاء فى الحدس امر مشترك بين العادل والفاسق فلا يصلح لتعليل الفرق به ، فعلمنا من ذلك ان المقصود من الآية ارادة نفى احتمال تعمد الكذب عن العادل حين الاخبار دون الفاسق لان هذا هو
__________________
١ ـ حاصله ان الاشكال فى اعتبار الاجماع المنقول انما هو من حيث احتمال خطاء المدعى فى حدسه لا من حيث احتمال تعمده للكذب لان احتمال ذلك فى علمائنا الاخيار (رض) منتف قطعا والآية انما تدل على وجوب التصديق من حيث احتمال تعمد الكذب لا من حيث احتمال خطائه فى حدسه وتشهد بذلك على ما يستفاد من كلامه وجوه : احدها التفصيل فى الحكم بين العادل والفاسق كما هو مقتضى المفهوم شرطا ووصفا ولا ريب ان صفة الفسق انما تصلح للعلية اذا كان الحكم بوجوب التبين من حيث احتمال تعمد الكذب ولو اريد الوجوب من حيث احتمال الخطاء لزم كون التعليل بامر مشترك ، ثانيها التعليل بقوله سبحانه (أَنْ تُصِيبُوا) لان احتمال الوقوع فى الندم من حيث احتمال الخطاء مشترك بين العادل والفاسق بخلافه من حيث احتمال تعمد الكذب.
(م ق)