______________________________________________________
فانّ الغالب كون النقد ثمنا ، فتكون هذه الأحكام كلها للثمن ، وكذا ذكره فيما سيأتي في أحكام المثمن.
وقوله : ( بعد اتفاقهما على ذكره في العقد ) احتراز من اختلافهما في ذكر المعين ثمنا في العقد ، فإنهما إذا اختلفا على هذا الوجه يكون القول قول مدعي الصحة بيمينه ، إذ القائل بعدم ذكره في العقد يدعي فساده ، فإذا حلف على ذكره في العقد ، فالظاهر أنه يحلف على ذكر هذا المعين في العقد فيثبت. ويحتمل أن يحلف على ذكر ثمن يصح به العقد ، فتندفع دعوى الآخر ، ويبقى اختلافهما في القدر والوصف على حكمه.
واعلم أن الضمير في ( ذكره ) يعود الى ( ما ) أي : ذكر ما عيّناه ، لكن قد يقال : قوله : ( بعد اتفاقهما ... ) مستدرك ، لأن اتفاقهما على ذكره في العقد ليس زائدا على تعيينهما إياه ، لأن المتبادر من ذلك كون التعيين في العقد.
واحترز بقوله : ( ولا بينة ) عما لو كان ثم بينة ، فإنه لا يميز ، لكن تحقيق حال البينة ، وممن تكون مسموعة موقوف على تحقيق المدعي والمنكر هنا ، فان قلنا بالأول والسلعة قائمة فالمدعي هو المشتري ، أو بالثاني فالمدعي هو من كانت السلعة خارجة عنه ، أو بالثالث فالمدعي هو البائع ، أو بالرابع فكل منهما مدع ومنكر.
وما افتى به هو مختار أكثر الأصحاب (١) ، واحتجوا له ، بأن المشتري مع قيام السلعة يدّعي تملكها وانتقالها اليه بما ادعاه من العوض ، والبائع ينكره ، وقد ينظر فيه ، بأن البائع لا ينكر ذلك كله ، فإنه يعترف بتملكه إياها وانتقالها إليه ، ويصدقه على استحقاق ما ذكره ، لكن يدّعي أمرا زائدا ، والمشتري ينكره ، فيكون هو المنكر.
فان قيل : لما عيّن السبب المقتضي للانتقال ، وتشخصه بوقوعه على الثمن الزائد وبالوصف المخصوص ، لم يكن اعترافه بالملك مطلقا ، بل على ذلك الوجه
__________________
(١) منهم : الشيخ في المبسوط ٢ : ١٤٦ ، والشهيد في الدروس : ٣٥٢.