______________________________________________________
نقل الملك. وليس كذلك ، فان المعروف بين الأصحاب أنها بيع وإن لم تكن كالعقد في اللزوم ، خلافا لظاهر عبارة المفيد (١) ، ولا يقول أحد من الأصحاب بأنها بيع فاسد سوى المصنف في النهاية (٢) ، وقد رجع عنه في كتبه المتأخّرة عنها (٣).
وقوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٤) يتناولها ، لأنها بيع بالاتفاق ، حتّى القائلين بفسادها ، لأنّهم يقولون : هي بيع فاسد. وقوله تعالى ( إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (٥) فإنه عام ، إلا فيما أخرجه دليل.
وما يوجد في عبارة جمع من متأخري الأصحاب : من أنها تفيد إباحة ، وتلزم بذهاب إحدى العينين ، يريدون به : عدم اللزوم في أول الأمر ، وبالذهاب يتحقق اللزوم ، لامتناع إرادة الإباحة المجردة عن أصل الملك ، إذ المقصود للمتعاطين إنما هو الملك ، فإذا لم يحصل كانت فاسدة ( ولم يجز التصرف في العين ، وكافة الأصحاب على خلافه.
وأيضا فإن الإباحة المحضة ) (٦) لا تقتضي الملك أصلا ورأسا ، فكيف يتحقق ملك مال شخص بذهاب مال آخر في يده؟ وإنما الأفعال لما لم تكن دلالتها على المراد في الصراحة كالأقوال وإنما تدل بالقرائن ، منعوا من لزوم العقد بها ، فيجوز الترادّ ما دام ممكنا ، فمع تلف إحدى العينين يمتنع التراد ، فيتحقق اللزوم ، لأن إحداهما في مقابل الأخرى ، ويكفي تلف بعض إحدى العينين لامتناع التراد في الباقي ، إذ هو موجب لتبعيض الصفقة ، وللضرر ، ولأن المطلوب هو كون إحداهما في مقابل الأخرى.
__________________
(١) المقنعة : ٩١.
(٢) النهاية ٢ : ٤٤٩.
(٣) كما في المختلف : ٣٤٨.
(٤) البقرة : ٢٧٥.
(٥) النساء : ٢٩.
(٦) ما بين القوسين لم يرد في « م » ، وأثبتناه من الحجري ، وهو الأنسب.